لا شك أن العالم عاش فترة عصيبة خلال عام 2020 بسبب فيروس كوفيد- 19، وما ترتب على ذلك من عزلة محلية وعالمية نتج عنها خسائر في الأرواح تجاوزت مليوناً ونصف المليون عند كتابة هذا المقال، كما أن العالم سيعاني من خراب اقتصادي. فقد توقع الخبراء في صندوق النقد الدولي أن تتجاوز الخسائر 12 تريليون دولار خلال 2020 و2021. لست بصدد الحديث عن الخسائر البشرية والمادية التي ترتبت على انتشار هذا الفيروس عالمياً، بيد أنني أود أن أركز على فيروس من نوع آخر نخر في جسد بعض الدول، وهي تعلم أو دون علم منها. وجاء فيروس كورونا لكشف مواطن ذلك الخراب الذي تعيشه هذه الدول، إنه فيروس الفساد، والذي من مظاهره غياب القانون أو تجاهله. انتشار الواسطة أو المحسوبية، فقوتك لا تكمن في ما تملك من شهادات أو خبرات وكفاءات، لكن تتلخص قوتك في من تعرف وبإمكانه التوسط لك لتحقيق مطالبك، إضافة لانتشار الرشاوى بين الناس، فجل أمورك تعجز عن تحقيقها دون مبلغ مالي تدفعه تحت الطاولة في بعض الدول وفوقها في دول أخرى، غياب الطبقة الوسطى في المجتمعات، حيث انقسمت بعض الدول إلى طبقة قليلة تملك كل شيء وأخرى تمثل الأغلبية تعيش دون حد الفقر.
ويعُرّف الفساد الإداري باستخدام السلطة العامة أو المنصب الحكومي لتحقيق منفعة شخصية. ويدخل في إطار الفساد كل ما يؤثر سلباً على النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإداري والصحي للدول. 
في موقع «تويتر» الخاص بي، طرحت على المتابعين السؤال التالي: كلمتان تبدآن بحرف الفاء: هما أهم تهديد للاقتصاد العالمي: أيهما أخطر: 1- فيروس مثل كورونا 2-ف: الفساد الإداري. وكانت إجابة المتابعين 13% يرى أن فيروس كورونا هو الأخطر، بينما اختارت 87 % الفساد الإداري. وكان المبرر الأساس هنا أن فيروس كورونا نستطيع أن نوجد له اللقاح المناسب، بيد أن الفساد الإداري ليس من السهل التعاطي معه. 
لكن ما هي العلاقة بين فيروس كوفيد- 19 والفساد؟ كلاهما يبدأ بحرف الفاء، كما أنهما أظهرا للدول جوانب الخلل الموجودة فيها، بيد أن فيروس كورونا تمكن العالم من اكتشاف أكثر من لقاح للوقاية منه، فهل ستسعى الدول لإيجاد آليات للتعافي من فيروس الفساد، الذي انتشر فيها وأكل الأخضر واليابس، أم أن العالم مُقبل على المزيد من الكوارث التي قد تقود الشعوب من جديد لمبدأ الفوضى الخلاقة التي تدمر كل ما مرت به؟ إن فيروس كورونا مثّل للدول جرس إنذار كي تعود من جديد إلى الواقع، وتتلمس جوانب الخلل الموجودة في تلك المجتمعات. 
من أهم أسرار نجاح الإمارات في التعامل مع فيروس كورونا نجاحها من قبل في التعامل مع فيروس الفساد واكتشاف مواطنه إنْ وجد، لذلك وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في تعليقه على افتتاح معرض «جيتكس» أهم حدث تقني عالمي واقعي في 2020، إن «الإمارات ستكون أسرع دولة في التعافي عالمياً، ومؤسساتنا أثبتت قدرتها على التأقلم».
*أكاديمي إماراتي