أحيت العديد من المؤسسات والمنظمات الوطنية والدولية الذكرى السنوية لليوم العالمي لأصحاب الهمم، والذي يحل كل عام في الثالث من ديسمبر. ويأتي يوم هذا العام في ظل ظروف صحية واقتصادية واجتماعية لم يشهد لها العالم مثيلاً منذ قرن على الأقل، بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد. فمن تبعات هذه الجائحة خسارة عشرات الملايين من الناس وظائفَهم ومصدرَ رزقهم، وهو ما كان وقْعه أكبر أثراً على أصحاب الهمم الذين يعانون أصلاً من معدلات توظيف متدنية، حيث تظهر البيانات الدولية أن نسبة التوظيف بين أصحاب الهمم في الظروف العادية تقل عن 53% للرجال، وعن 20% للإناث. وحتى في الدول الصناعية والغنية الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)، نجد أن الفارق يتسع بشكل أكبر، حيث تبلغ نسبة توظيف أصحاب الهمم أقل من 45%، مقارنةً بنسبة 75% لباقي فئات وطوائف المجتمع.
وتعتبر قضية أصحاب الهمم من قضايا الصحة العامة ذات الأبعاد الدولية، حيث يقدر أن 15% من أفراد الجنس البشري، أي أكثر من مليار شخص، يعانون شكلاً أو آخرَ من الإعاقة، منهم 720 مليون من البالغين و93 مليوناً من الأطفال كلهم يعانون من إعاقات شديدة تمنعهم بشكل واضح من ممارسة النشاطات اليومية ومن أداء بعض المهام الوظيفية. ولذا، وبخلاف كون موضوع أصحاب الهمم هو قضية حقوق إنسان، تعتبر الإعاقة البشرية أولوية تنموية لأنها تنتشر بشكل أوسع في الدول الفقيرة، حيث ترتبط الإعاقة بالفقر، ويغذي كل منهما الآخر.
وعموماً، فقد تسببت جائحة «كوفيد-19» في زيادة تعرض أصحاب الهمم لمخاطر صحية عدة، وفي تدهور حالتهم الصحية، سواء أصيبوا بالعدوى أم لا. فكثيراً ما لا يتمتع أصحاب الهمم برعاية صحية جيدة، حيث لا يستطيع نصفهم على الأقل تحمّل تكاليفها، كما أن جزءاً كبيراً منهم لا يتوفر لهم طاقم طبي يمتلك المهارات الخاصة الملائمة لحالتهم الصحية ولطبيعة إعاقتهم. وهو ما زادت فداحته في ظل الضغوط الهائلة التي تتعرض لها نظم الرعاية الصحية خلال الوباء الحالي في مختلف دول العالم، دفعت بالعديد منها إلى شفا الانهيار. 

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية