القيادة ليست هِبة التاريخ بل صناعته، وأبو خالد في تؤدة هو الدليل على ذلك. الإمارات العربية المتحدة كانت ولاتزال الأنموذج المتقدم لمفهوم الدولة الوطنية، والمستقرة تنموياً، والمستبقة في الانتماء للتاريخ الإنساني. حاضرة في التفاصيل بصمت، فاعلة فعل الكبار دون تردد.
حضور الإمارات العربية المتحدة وديناميكية هندسة فعلها السياسي جيواستراتيجياً خلال هذا العام، سيظلان حدث وحديث التاريخ السياسي الدولي لعقود قادمة، وذلك بفضل انصهار الإرادة والحكمة في شخص رجل رفض الاستكانة لصيرورة ما اعتاد عليه التاريخ العربي.
البعض لم يدرك أبعاد ودلالات القرار في العيون، إلا أن إقفال ملف الصحراء وسيادة أهلها عليها، له نتيجة فعل أقفل بفضله ملفاً لطالما أرّق الاستقرار في غرب ووسط أفريقيا، وأهل لموقف سياسي دولي ضامن له، ضمن ضرورات التوازن ودرء المخاطر (الاحتواء الاستباقي استراتيجياً). المواثيق الإبراهيمية، كانت المدخل في إعادة صياغة المفاهيم جيواستراتيجياً بفضل مهندس رؤيتها صاحب السمو الشيخ محمد زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، فقط لإدراكه مقاصد السياسة بتحفيز البعد الإنساني وإسقاط الهواجس، لذلك كان للتفاعل والانخراط المباشر للبشر ما تجاوز سحر ومقدرات الساسة والسياسة.
تحصين الجغرافيا السياسية من المنظور المستقبلي، يستلزم الانخراط الفاعل (ملف شرق المتوسط)، تحفيز الاستقرار وضمانات استقراره (شمال وغرب أفريقيا)، المواثيق الإبراهيمية (القيادة بتقديم النموذج إنسانياً)، الاستباق في إعادة التوازن شرق أوسطياً (عبر تطوير مفهوم المصالح المشتركة لا تقديم تقاطعات المصالح). 
الإمارات أدركت ذلك لإدراكها أدوات الدولة، والتأسيس لهوية منتمية للتاريخ، وكل مواطنيها عيال زايد، محصنة بإرادتهم المشتركة، حاضراً في كل تفاصيل التاريخ البشري دون وجل. استحقاقات القيادة لم يكن هاجسها، إلا أن فعلها يجب أن يُدرَس ويُدرّس لمفاهيم الاستباق الاستراتيجي والمسؤولية الدولية. لذلك يحظى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بثقة الكبار والإمارات مكانة الكبار.
يجب ألا تشغلنا التفاصيل عن إدراك المقاصد الكبيرة، وإنْ كان لبعض تأثيراتها ما يتجاوز الاحتواء المرحلي إقليمياً، إلا أن الاستباق جيوسياسياً هو ما أدركته الإمارات أفريقياً. 
مفهوم الدولة لم يعد محصوراً بجغرافيا وموارد، بل هي إرادة إنسانها إنْ أراد تسجيل حضوره بمسؤولية ضمن فعل المقتدر على ذلك ضمن المجتمع الدولي، والانخراط الإماراتي المسؤول مع شركائها ضمن ملفات ما عُرف بالشرق الأوسط، قد أسهم في تحصين جغرافيته من متقلبات محتملة، أو عالية الاحتمال. 
في تؤدة وثقة يقود هذا الفارس الإمارات إلى آفاق تليق بفقه وفلسفة مؤسسيها، وبما يصبو إليه كل أحفاد عيال زايد. لا ينشغل بالتفاصيل لاستباقه في احتوائها بإدراك مقاصد السياسة. الدولة أدوات وثقافة، وعندما تُوظَّفُ كُلُّها بحكمة، فذلك ليس بصدفة تاريخية.