تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة عموماً، وإمارة أبوظبي على وجه الخصوص، استحداث خطط وبرامج واستراتيجيات، وإنشاء مؤسسات، تسعى من خلالها إلى تحقيق مستهدفات التنمية الشاملة والمستدامة المنشودة، وفق رؤى طموحة وإجراءات منظّمة، تقوم على أسس تشاركية تجعل القطاعات الحيوية وكأنها كتلة متصلة ببعضها، لتصبّ في المحصلة في تحقيق نمو شامل يعزز تقدّم الاقتصاد وتطوره، وتنمية بيئة استثمارية تعمل في أطر سهلة وميسّرة، تشكل حافزاً لرجال الأعمال والمستثمرين على اتخاذ أبوظبي مركزاً لبدء الأعمال وممارسة الأنشطة الاقتصادية، التي تخلق المزيد من الفرص الاستثمارية وتعزز تنافسية الإمارة.
ويعبِّر إصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بصفته حاكماً لإمارة أبوظبي، قانوناً بشأن إنشاء «المجلس الأعلى للشؤون المالية والاقتصادية»، عن مساعي القيادة الرشيدة في مواصلة تحقيق التقدم الاقتصادي والمالي للإمارة، بناءً على أسس مؤسسية ترسّخ ثقافة وممارسات الحوكمة، وتعزز الوضوح والمركزية في السياسات، والاستقلالية والدقة في التنفيذ، إذ يختص المجلس بالشؤون المالية والاستثمارية والاقتصادية وشؤون البترول والموارد الطبيعية في الإمارة، عبر وضع واعتماد السياسات العامة لها في هذه الشؤون، ومتابعة أداء الجهات المعنية لضمان التوافق مع الخطط والتوجه العام المعتمد من المجلس والقيادة الرشيدة.
تأسيس «المجلس الأعلى للشؤون المالية والاقتصادية» الذي يرأسه صاحب السمو، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، نائباً للرئيس، جاء لتحقيق أهداف استراتيجية عليا تعبّر عن مجموعة من المعايير المؤسسية الدقيقة، إذ سيعمل المجلس بشكل مباشر مع: «دائرة المالية»، و«جهاز أبوظبي للاستثمار»، و«مبادلة»، و«أدنوك»، و«أبوظبي التنموية القابضة (ADQ» وجهات أخرى، مع إعطاء مجالس إدارات الجهات المعنية الخصوصية المؤسسية في وضع خططهم الاستراتيجية ورفعها للاعتماد من المجلس، وإعطائهم الاستقلالية لوضع واعتماد وتنفيذ خططهم السنوية، إضافة إلى دمج الصلاحيات التنظيمية للمجلس الأعلى للبترول مع صلاحيات المجلس الجديد.
ويشير قرار إنشاء «المجلس الأعلى للشؤون المالية والاقتصادية» إلى أن أبوظبي، وبدعم وتوجيه من القيادة الرشيدة، حريصة كل الحرص على جعْل كبرى مؤسسات الإمارة وأهمها وأضخمها وأكثرها مسؤولية عن القطاعات الحيوية، على تواصل دائم ومستمر مع بعضها، بحيث يكون العمل فيما بينها قائماً على أسس متينة من التشاركية والمسؤولية المشتركة، بما يكرّس دورها الفاعل ومكانتها الريادية في سلّم مؤشرات التنافسية التنموية، من خلال نهج يرتكز على مجموعة من القواعد، أبرزها: المرونة والاستباقية، وترسيخ ثقافة كفاءة الإنفاق وإدارة الموارد، بشكل يواكب التغيّرات ويمكّن المؤسسات الاقتصادية المختصة من تحقيق مستهدفاتها التنموية، بالارتكاز على نظم مالية واستثمارية متكاملة ومستدامة، تحافظ على ملاءة أبوظبي المالية ومكانتها الاقتصادية، وطنيًّا وإقليميًّا ودوليًّا.
لقد عملت إمارة أبوظبي منذ سنوات على تعزيز نمو اقتصادها المحلي وتنميته، الذي انعكس إيجابيًّا على حياة الأفراد المجتمع، وهو ما تحقق بفضل خطتها الطويلة المدى، «الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي»، التي تهدف إلى تحويل اقتصاد الإمارة إلى اقتصاد متنوع وقائم على المعرفة، يتحقق ضمن أولويات فورية، هي: بناء بيئة أعمال منفتحة وفاعلة ومؤثرة ومندمجة في الاقتصاد العالمي، وتبني سياسات مالية منضبطة وتتجاوب مع الدورات الاقتصادية، وتأسيس بيئة سوق نقدي ومالي مرنة بمستويات تضخُّم يمكن السيطرة عليها، وتطبيق تحسينات ضخمة على كفاءة سوق العمل، وتطوير بنية تحتية فاعلة ومرنة وقادرة على دعم النمو، وتطوير قوة عاملة تتمتع بمستوى عالٍ من المهارات والإنتاجية، وتمكين الأسواق المالية في الإمارة من التحول إلى ممولة رئيسية للقطاعات والمشاريع الاقتصادية.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية