يوم الجمعة قبل الماضي، بعثت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي رسالة إلى زملائها «الديمقراطيين» تضمنت البيان اللافت التالي: 
«هذا الصباح، تحدثتُ مع (مارك ميلي) رئيس هيئة الأركان المشتركة قصد مناقشة الاحتياطات المتاحة لمنع الرئيس من شن أعمال عدائية عسكرية أو الوصول إلى شفرات الإطلاق وإصدار أمر بضربة نووية. إن مشكلة هذا الرئيس خطيرة للغاية، ويجب أن نفعل كل ما في وسعنا لحماية الشعب الأميركي من هجومه المختل على بلدنا وديمقراطيتنا».
ولاحقاً، أصدر مارك ميلي «رئيس هيئة الأركان المشتركة» بياناً يقول إن «رئيس مجلس النواب بيلوسي أجرت اتصالاً معه، وأجاب عن أسئلتها حول إجراءات سلطة القيادة النووية». 
سألتُ الخبير في الانتشار النووي والاستراتيجية النووية «فيبين نارانج»، الذي يعمل أستاذاً للعلوم السياسية بمعهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا، حول ما يعنيه هذا - وما لا يعنيه.
هل هناك أي شيء يستطيع أن يفعله «ميلي» لمنع الرئيس من «الوصول إلى شفرات الإطلاق وإصدار أمر بضربة نووية؟».
الجواب هو: كلا. ذلك أن الرئيس، والرئيس وحده، هو من يمتلك الصلاحية الوحيدة لإصدار أمر بإطلاق نووي، ولا أحد يستطيع من الناحية القانونية منعه من ذلك. ورغم التقارير التي تفيد بأن بيلوسي تلقت تطمينات بوجود ضمانات في حال أراد رئيس الولايات المتحدة إطلاق سلاح نووي، فإن أياً من تلك الضمانات الحقيقية أو الفعلية غير قانونية. 
ورغم أنه قد يكون من المعتاد أن يستشير الرئيس مستشاريه في البيت الأبيض، أو «ستراتكوم» («القيادة الاستراتيجية الأميركية»، وهي القيادة العسكرية المسؤولة عن الأسلحة النووية)، أو وزير الدفاع (المدني)، إلا أنه ليس هناك أي نص قانوني يلزمه بالقيام بذلك بخصوص الإطلاق النووي. وخلافاً للاعتقاد الشعبي، فإنه لا يوجد في سلسلة القيادة الخاصة بالإطلاق النووي لا رئيس هيئة الأركان المشتركة، ولا كبير موظفي البيت الأبيض، ولا وزير الدفاع (المدني)، ولا قائد «ستراتكوم»، ولا نائب الرئيس. 
ماذا سيحدث إذا حاول شخص ما دخول سلسلة القيادة عبر إلغاء الامتثال لأمر رئاسي مثلاً أو رفضه؟ 
إن أي شخص يحاول مخالفة أمر صحيح وحقيقي وقانوني، سيكون مخالفاً للقانون إذا فعل ذلك، ويمكن أن توجه له تهمة التمرد. وفي حال أمر رئيس الولايات المتحدة بضربة أولى نووية بشكل غير متوقع ، فإنه ستكون هناك أسئلة حول قانونية الخطوة. غير أنه إذا أمر بضربة نووية محدودة، فإنه سيكون من الصعب جداً القول إن الرئيس ليس لديه الحق القانوني في القيام بذلك بشكل غير متوقع إذا رأى أنه يصب في المصلحة الوطنية لأميركا. 
ولكن، كيف يأمر الرئيس بإطلاق أسلحة نووية؟ العملية، حسبما نعلم، هي كما يلي: إذا قرر رئيس الولايات المتحدة إطلاق بعض أسلحة أميركا النووية أو كلها، فإنه يقوم بإخراج قطعة «البسكويت»، أو دليل التحقق من الهوية الذي يحمله معه دائماً، ويستدعي المساعد العسكري الذي يرافق الرئيس الأميركي بشكل دائم، والذي يربط رئيس الولايات المتحدة بالضابط المناوب في «مركز القيادة العسكرية الوطنية» بشكل مباشر. وبناءً على شفرة مكونة من حروف وأرقام على قطعة «البسكويت»، يؤكد رئيس الولايات المتحدة هويته للضابط المناوب، ويأمر بحزمة الإطلاق النووي المرغوب فيها. 
في هذه اللحظة، إذا اعتُبر الأمر حقيقياً (هل ردَّ رئيس الولايات المتحدة بشكل صحيح على سؤال تأكيد الهوية) وصحيحاً (هل حزمة الضربة صحيحة؟)، فإنه يُعتبر أمراً قانونياً من القائد الأعلى للقوات. وبعد ذلك، ينقل الضابط المناوب الأمر وحزمة الضربة إلى الصواريخ والغواصات وقاذفات القنابل النووية الأميركية مباشرة من أجل تنفيذ الأمر وحزمة الضربة المرغوب فيها. غير أنه في أي مرحلة من المراحل لا يوجد أي شخص آخر، من الناحية القانونية أو حتى العملياتية، ضمن سلسلة القيادة الخاصة بالإطلاق النووي. وأي شخص - الضابط المناوب أو المسؤول العسكري عن إطلاق الصواريخ - يخالف هذا الأمر أو يفشل في تنفيذه سيكون مخالفا للقانون إن فعل ذلك. 
ما الذي يعنيه إعلان بيلوسي عن هذا؟
من المرجح أن بيلوسي تدرك كل هذا. ولكن الإعلان عن هذا الموقف قد يكون طريقة لإرسال إشارة أخرى حول خطورة بقاء ترامب في السلطة. وهو أوضح مثال على الصلاحيات التي ما زال يتمتع بها حتى لحظة تنحيته من المنصب. وبالتالي، فالطريقة الوحيدة لضمان عدم قدرة ترامب على إصدار أمر بضربة عسكرية هو تنحيته من المنصب عبر الوسائل المدنية (أي العزل أو التعديل الخامس والعشرين). وربما تريد بيلوسي بذلك تذكير المدنيين بهذه الحقيقة، حتى وإن كانوا يعرفونها أصلاً.
*أستاذة بكلية الشؤون الدبلوماسية بجامعة جورج تاون وزميلة مؤسسة بروكينجز إنستيتيوشن في واشنطن
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»