استقبلت شعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أنباء المصالحة الخليجية بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين من جهة، ودولة قطر من ناحية أخرى، بمشاعر الارتياح والسعادة؛ إذ ستعود أجواء الود بين الأشقاء، الأمر الذي سينعكس بالإيجاب على تلك الشعوب واستقرارهم. والمعلوم أن الإحساس بالأخطار المهددة للأمن الوطني لدول شبه الجزيرة العربية كان الدافع الرئيسي لإنشاء مجلس التعاون الذي يهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين، وصولاً إلى وحدتها. 
ولعل من أبرز الأخطار التي تواجه دول المجلس، تلك القادمة من إيران منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي. فالبداية كانت مع الاحتلال الإيراني لجزر دولة الإمارات العربية المتحدة الثلاث، أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، في عام 1971، ثم تبعات الحرب العراقية – الإيرانية بين عامي 1980 و1988، بجانب سياسة طهران في تصدير «مبادئ الثورة الإسلامية» لدول الجوار. أضف إلى ذلك، بروز أدلة على تشجيع إيران للفتنة الطائفية في بعض دول مجلس التعاون الخليجي، بجانب الدعم الإيراني لانقلاب جماعة «الحوثي» في اليمن على النظام الشرعي في صنعاء. ولكن الخطر الأكبر على الصعيد الاستراتيجي، هو سعي إيران لامتلاك السلاح النووي وتطوير ترسانة من الصواريخ الباليستية التي تهدد دول الجوار. 
والأمر المثير للدهشة هنا هو الدعوات المتكررة من طرف دول مجلس التعاون الخليجي لإيران لوقف سياسات هذه الأخيرة التي تشوبها المخاطر المهددة لأمن تلك الدول وإنهاء احتلالها لجزر الإمارات الثلاث، وفي الوقت نفسه، تصدر الدعوات من إيران بطلب إجراء حوار مع دول المجلس حول أمن المنطقة، ولكن ليس على أساس مطالب تلك الدول، بل على أساس «الأمر الواقع»، أي النقاش في أي موضوع، باستثناء البرنامج النووي وتصدير الثورة واحتلال الجزر الثلاث. وهذا يقودنا إلى التساؤل المشروع: لماذا تُصر إيران على تجاهل مطالب دول مجلس التعاون الخليجي وتمضي قدماً في إرساء سياسة الأمر الواقع؟ والإجابة على ذلك تتشعب إلى محاور عدة، ولكن من أبرزها استمرار الرغبة الإيرانية في التوسع الإقليمي والتي وثقها التاريخ منذ قرون ما قبل الميلاد لتصل إلى عهد «الثورة الإسلامية»، التي قامت عام 1979 وتسعى طهران إلى تصديرها لدول المنطقة. ولكن التطور الأبرز أن منطقة الخليج العربي لم تعد كما كانت عليه عندما سادت إيران المناطق المجاورة من خلال حضارة «عيلام» أو الإمبراطوريتين الأخمينية والساسانية. فمنطقة الخليج العربي أصبحت تضم دولاً مستقلة ذات سيادة، وتمتلك ثروات بشرية وطبيعية، ولديها حضور إقليمي ودولي قوي واستراتيجي وفوق هذا كله، لديها رغبة قوية في التعايش السلمي. 
وكما قامت المملكة العربية السعودية ودول الكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر وسلطنة عمان ومملكة البحرين بالاتفاق في العام 1981 بتأسيس مجلس التعاون بينهم من أجل تحقيق التعاون والتكامل بينهم، وصولاً إلى وحدتهم وتوثيق الروابط بين شعوبهم، والتكامل الاقتصادي والمالي والتجاري والاتفاق حول كيفية مواجهة المخاطر المحيطة بهم، فإن الرغبة الصادقة تحدو تلك الدول أيضاً في أن تحذو إيران حذوهم وتنضم لمسيرتهم في إرساء الأمن والأمان في منطقة الخليج العربي ومنح شعوبهم الرفاهية والرخاء. فالأمر ليس كما قد يبدو للقيادة في طهران بأن دول مجلس التعاون الخليجي تسعى لفرض هيمنتها وسيطرتها على دول المنطقة بما فيها إيران، بل على العكس من ذلك تماماً، فالهدف هو العيش بسلام واستقرار. ولذلك فإننا جميعاً نسعى إلى مصالحة خليجية شاملة تكون إيران أحد مكوناتها وليس أبرز مصادر تهديدها.