لا يكاد يمر ذِكر اسم دولة الإمارات في أي مكان من العالم إلا ويُذكر معه بشكل وثيق تحقيق حزمة من الإنجازات غير المسبوقة، ويتمثل أحد هذه الإنجازات في تحول الدولة خلال مسيرتها التي تمتد إلى نحو خمسين عاماً إلى عنوان للابتكار العالمي، خاصة ضمن مجالاته المتقدمة. وشكلت الرؤية الاستشرافية للقيادة الرشيدة، نهجاً مدروساً استطاعت معه حكومة الإمارات صياغة استراتيجيات خلاقة تعتمد الابتكار عنواناً لها، الأمر الذي عزز الجهود المبذولة في الاعتماد على التفكير خارج الأطر النمطية أساساً للمشاريع الرائدة ضمن القطاعات الحيوية كافة في الدولة. بل إن الحكومة نجحت من خلال هذا التفكير المرن، في مجالات الإدارة والحوكمة والعلوم والتكنولوجيا والصحة وغيرها، في تطوير منظومات متقدمة استطاعت من خلالها، على سبيل المثال، تجاوز مختلف التحديات التي فرضتها جائحة «كوفيد-19»، بشكل يسّر توفير اللقاحات والعلاجات المتطورة للمواطنين والمقيمين كافة، وبما يبعث الأمل في تحفيز النمو الاقتصادي والزخم الذي يستمر بدفع الإمارات إلى الأفضل في القادم من السنين، كما أشار إليه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، رئيس لجنة الاحتفال باليوبيل الذهبي في مقال سموه الذي تم نشره على موقع «ذا ناشيونال نيوز» بتاريخ 17 يناير 2021.
ويأتي احتفال دولة الإمارات هذا العام باليوبيل الذهبي لتأسيسها في وقت تحقق فيه الدولة ريادة إقليمية وعالمية في مجالات الابتكار المختلفة، التي ضمنت لها تنافسية عالية بين الدول المتطورة. ويظهر الاهتمام الكبير بالابتكار في الإمارات من خلال الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة في رعاية شؤونه وتعزيز الأبعاد المرتبطة به ضمن المجالات كافة، منذ أن تم إطلاق استراتيجية وطنية خاصة بالابتكار عام 2014، لتكون دولة الإمارات بذلك من أوائل الدول التي تعمل بمثل هذه الاستراتيجية المتخصصة. ولم يتوقف التميز الإماراتي عند هذا الحد، فقد جاء إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تخصيص عام 2015 بأكمله للابتكار ليسرّع من مشاركة القطاعات الحكومية والخاصة والأفراد في نشر ثقافة الابتكار في الدولة. وتبع ذلك في عام 2018 نسخة مطورة من استراتيجية الابتكار تقوم على دعم التوجه المدروس نحو تطوير مساحات حرّة لاختبار الأفكار الرائدة، وتجربة النظم والتشريعات الواعدة، وتشجيع الاستكشاف والتجربة والمخاطرة المدروسة بما يعزز فرص تحقيق الابتكارات الخلاقة وحلول المستقبل في مختلف المجالات وبشكل يسهم في ترسيخ اسم الإمارات دائماً في المركز الأول دوليًّا، والسير بالدولة نحو المكانة الأفضل في مجالات التعليم والأداء الحكومي والاقتصاد وسعادة المجتمع وجودة الصحة والتنقل وغيرها مع حلول المئوية الأولى لتأسيسها عام 2071. 
وفي سياق الإنجازات المتتالية التي تحققها الدولة في مجال الابتكار، جاء إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أخيراً، برنامج هيئة كهرباء ومياه دبي للفضاء «سبيس دي» كدعامة تسهم في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للفضاء 2030، ودعم رؤية دولة الإمارات في الريادة العالمية ضمن الصناعات الفضائية بما تتضمنه من مجالات متقدمة في العلوم والتطبيقات والخدمات والتقنيات. ويستهدف هذا البرنامج تطوير القدرات الوطنية الإماراتية المتخصصة في تقنيات الفضاء لشبكات الكهرباء والمياه، وتسخير تقنيات الثورة الصناعية الرابعة التي تشمل الذكاء الاصطناعي والبلوكتشين وإنترنت الأشياء وغيرها لكسب المعرفة المتقدمة في التعامل مع المعلومات فيما يختص بالاتصالات الفضائية ومراقبة الأرض. وسيتضمن البرنامج كذلك إطلاق قمر صناعي متقدم يحتوي على أحدث تقنيات التصوير والاتصالات، تزامناً مع إكسبو 2020 دبي الذي ينطلق في 1 أكتوبر 2021.
وفي ظل المسيرة الحافلة بالنجاحات المتواصلة والابتكارات الرائدة، فإن دولة الإمارات تتطلع ضمن مزيج متوازن ومدروس دائماً إلى الأمام، لكن مع استمرار التأكيد دائماً على تراثها وهويتها وتاريخها العريق، وهو ما يعزز جهود الابتكار التي تقدّم المستقبل المتميّز كأسلوب حياة لكن بأصالة إماراتية.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.