هناك تحديات جديدة فرضتها وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يسمى «الإعلام الجديد»، والذي سيتعين وضع ضوابط له في جميع الدول. فبعض وسائل هذا الإعلام تستسهل نقل الأخبار الزائفة والتهجم على الدول والأفراد، مما يحتم وضع حد لها على جميع الأصعدة. فممارسات بعض هذه الوسائل، سواء الممولة من جهات معينة، أو التي تعمل ضمن مؤسسات أو حتى بشكل فردي، قد تكون مسيئة للدول التي تعمل فيها، وقد تضر بالعلاقات بين الدول. فبعض الوسائل الإعلامية التي تتخذ من منصات التواصل الاجتماعي منبراً لها، أو حتى وسائل تقليدية (صحف وقنوات تلفزيونية.. إلخ)، تعمل ضمن أجندات تسعى للتخريب ونشر عدم الاستقرار وضرب القيم المجتمعية ونشر الشقاق بين الدول والمجتمعات.. لذا لا بد أن يوضع لها حد، وهذا لا يتنافى مع الحريات الإعلامية وغيرها، لأن الإعلام المحترف والمهني يخضع للقوانين وحتى لأخلاقيات العمل الصحفي، وهذا مفقود لدى بعض تلك الجهات الإعلامية. وهذه التحديات المستجدة في العالم يجب أن تُراجَع وأن تقوم الدول بملاحقة مَن يقوم بالتجاوزات الإعلامية، خاصة أن مواقع التواصل جذبت أشخاصاً ليسوا صحفيين ولا إعلاميين ولا يفقهون أصول المهنة، ليعملوا على نشر الأخبار الكاذبة دون التأكد من المصادر ومراعاة القوانين الناظمة للعمل الإعلامي.
نحن في الإمارات كان لنا السبق في وضع قوانين ناظمة للعمل الإعلامي، خاصة فيما يتعلق بالإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي، من خلال تشريعات إعلامية تضمن عمل تلك الوسائل، حيث قامت الدولة في عام 2018 بإقرار نظام الإعلام الإلكتروني. وفي ما يخص وسائل التواصل الاجتماعي فقد طبّق القانون الاتحادي لسنة 2016 الذي عدَّل قانونَ 2012 بشأن جرائم تقنية المعلومات وانتهاك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك عقوبات رادعة ما بين سجن وغرامات مالية لكل مَن يتداول شائعات أو معلومات مغلوطة أو يسب أو يقذف أو يشوه سمعة الغير أو ينقل أخباراً مضللة. وهناك أيضاً معايير وطنية للمحتوى الإعلامي في دولة الإمارات، مثل احترام توجهات الدولة داخلياً وخارجياً فيما يتعلق بعلاقتها مع الدول الأخرى. وهذه القوانين الناظمة متاحة على المواقع الرسمية في الدولة لكل مَن يريد مباشرة العمل الإعلامي، وحتى مَن يسعى لخلق منصة له على مواقع التواصل، وكل ذلك بهدف تنظيم عمل تلك المنصات داخل الدولة، فحرية أي فرد أو جهة تتوقف عند انتهاك حقوق الآخرين.
حماية الأمن الخليجي واجب يجب أن تستشعره دائماً جميع الجهات والمؤسسات، وحتى الأفراد، في دول مجلس التعاون، وهو ليس أمراً يمكن التهاون فيه. فحماية أمننا ووجودنا حق لنا، والتهجم على دول مجلس التعاون من خلال مرتزقة أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، سواء من خلال منصات أو جهات إعلامية داخل الدول، أو حتى تلك التي تعمل خارج حدود دولنا في دول أخرى، خاصة تلك التي تمول أو تتم رعايتها بشكل علني أو بأشكال أخرى. وفي هذا العصر، عصر التكنولوجيا والتقدم الرقمي، يمكن بسهولة تحديد مصدر ذلك الإعلام، فمنصات وسائل التواصل وضعت أنظمةً خاصةً بالشفافية لتحديد مصدر الحسابات، وما إذا كانت ممولة أم لا. وهنا نتحدث عن الحسابات الوهمية التي تعمل من الخارج وتحاول استهداف أمننا الخليجي من خلال نشر إشاعات كاذبة ونقل أخبار مزيفة، والتهجم على دولنا ورموزنا.. هذه الحسابات، سواء أكانت تمثل مؤسسات أم أفراداً، يحب أن تتوقف وأن يتم التعامل معها بشكل قانوني في الدول التي تعمل فيها، بهدف ملاحقتها قانونياً وأخلاقياً وتجفيفها، فالعمل الإعلامي مسؤولية قبل كل شيء.

*كاتب إماراتي