تنظر دولة الإمارات العربية المتحدة إلى قطاع التعليم بوصفه واحداً من أهم القطاعات التي تعمل على تنمية مهارات الثروة البشرية ومعارفها، والتي تعد صاحبة الدور البالغ الأثر في تحقيق المستهدفات الخاصة بالتنمية المستدامة، وصانعة التغيير الإيجابي الذي يُطمح إليه في سبيل الوصول إلى مستقبل مستدام تتحقق فيه أسباب الرفاه والاستقرار والسعادة، ويتم الوصول إليه من خلال تحقيق رؤية الدولة الاستراتيجية في الوصول إلى اقتصاد معرفي يقوم على الابتكار ويعزز من التنافسية.
ولأن الإنسان هو الأساس الأول في كل الاستراتيجيات التي يتم اعتمادها على الصعد كافة، تؤكد وزارة التربية والتعليم في الدولة أن استراتيجية تطوير التعليم تسعى إلى تحقيق قفزة نوعية تنتقل باقتصاد الدولة إلى اقتصاد المعرفة، كبديل عن اقتصاد النفط، وهو ما يتحقق من خلال تقوية بنيتها التحتية التقنية وتحديثها وتطويرها بشكل متواصل، وتعزيز نوعية المهارات المتقدمة التي تمتلكها القوى البشرية، تحقيقاً لمئوية الإمارات 2071، التي تطمح إلى جعل دولة الإمارات الدولة الأفضل على الصعيد العالمي في الذكرى المئوية لتأسيسها، من خلال إعداد الخطط الاستباقية وضمان الجاهزية استعداداً للخمسين عاماً المقبلة.
وخلال الفترة القليلة الماضية، حددّت وزارة التربية والتعليم، بالتنسيق مع جميع الشركاء، عشرة محاور رئيسية، تمثل توجهاتها المستقبلية استعداداً للخمسين عاماً المقبلة، وتشكّل أبرز معالم مستقبل التعليم في الدولة، من خلال رصد وتحليل التحديات الاستثنائية التي يمرّ بها العالم، وتتمثل في جائحة «كورونا»؛ إذ تقوم الاستراتيجية على المحاور الآتية: التعليم المبكر، والتعليم العالي والبحث العلمي، والتعليم المهني والتقني، وأصحاب الهمم، وإنتاجية قطاع التعليم، والرفاه وجودة الحياة، والهيئة الوطنية للمؤهلات، والتكنولوجيا التعليمية المتقدمة، والابتكار النوعي، وأخيراً محور ريادة الأعمال.
هذه المحاور العشرة تسعى من خلالها دولة الإمارات إلى تأهيل العنصر البشري الداعم للحركة الاقتصادية، والعمل على استقطاب أصحاب المهارات المتقدمة والمواهب والحفاظ عليهم، والتحفيز على التنافسية والإنتاج، وترسيخ بيئة جاذبة وداعمة للموهوبين، وترسيخ معايير الجودة والحوكمة والكفاءة، وتحقيق الأهداف الخاصة بمواءمة مخرجات التعليم مع سوق العمل المستقبلي، والعمل على اعتماد منظومة تعليمية ومجتمعية مستدامة تعزز مفاهيم المواطنة والانتماء، وترسّخ في النفوس قيم التعلم مدى الحياة، وتشمل جميع مناحي الحياة، والاستثمار الأمثل للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في إدارة المعرفة بفاعلية، الأمر الذي جعل الدولة تقوم بتأسيس بنية تحتية تقنية، تصل بالدولة إلى هدفها في تحقيق اقتصاد معرفي نامٍ ومتطور.
كما تواصل دولة الإمارات عملها على استقطاب كبرى الشركات والمستثمرين الذين يحفّزون على تعزيز الابتكار في العديد من قطاعات، وأبرزها قطاع التعليم، الذي يُعد الركيزة الأولى في عملية البناء والتنمية، انطلاقاً من أن تطوير الاقتصاد المعرفي يتطلب نظاماً تعليميّاً حديثاً وفاعلاً، يتحقق من خلال إنتاج واستخدام تقنيات المعلومات والاتصالات، وتنمية القدرة على مفاهيم وممارسات القيادة والتعلم المستمر، واكتساب المعرفة وتحسين المهارات وتعزيز الابتكار والبحث والتطوير، واتّباع فضلى الممارسات التربوية واعتبار التعليم المهني والتقني من أهم الأدوات التي تتقدم بقطاع التعليم وتمكّنه من تحقيق التطوير المستمر لكل أقطاب العملية التعليمية، من معلمين وطلبة ومؤسسات تعليمية.
إن الالتزام بتحقيق أهداف «رؤية الإمارات 2021»، و«مئوية الإمارات 2071»، استدعى من الجهات المعنية كافة العمل على ممارسة أدوار مهمة على صعيد التعليم المدرسي والعالي، وذلك بتأصيل دعم الابتكار والاهتمام بعملية البحث والتطوير، وتوفير بيئة تعليمية تضمّ مساحات تعلم مبتكرة ومختبرات متطورة، وتطوير مناهج دراسية تتسم بالمرونة وتستفيد من أدوات التكنولوجيا الحديثة، ما يمثّل النتاج الطبيعي لطموحات القيادة الرشيدة، التي راهنت وما زالت تراهن على التعليم بوصفه خريطة الطريق نحو صناعة الإنسان الذي يسهم، من خلال إمكاناته العلمية والقيادية ومعارفه ومهاراته، في مسيرة البناء والتطور بفاعلية واقتدار، ليصبح ركناً أساسيّاً من أركان عجلة التطور والتقدم، وركيزة مهمة من الركائز اللازمة لصناعة مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية