يحظى «الاقتصاد الدائري» باهتمام متزايد على مستوى عالمي، والإمارات في طليعة الدول في هذا المجال، حيث يعدُّ أكثر استدامة من النظام الاقتصادي الخطي الحالي، فهو يقلِّل أو ربما يقضي على هدر الموارد التي تشهد تناقصاً طبيعيّاً في ظل أنماط الاستهلاك المتزايدة، ويُسهم في الوقت نفسه في حماية البيئة، إذْ يخفِّف من انبعاثات النفايات ومن ثم يقلِّل من التلوث.
ولدى دولة الإمارات اهتمام كبير بقضايا الاقتصاد الدائري، حيث تبنت منذ وقت مبكّر سياسة تستهدف تحقيق التنمية المستدامة والاستخدام الفعّال للموارد الطبيعية، عن طريق استخدام أساليب وتقنيات تعزّز كفاءة استهلاك هذه الموارد وتقلّل احتمالات الهدر، وذلك لضمان رفاه مستدام للأجيال الحالية والمستقبلية. وقد أطّرت الدولة جهودها في هذا المجال بشكل واضح في «السياسة الوطنية للاقتصاد الدائري»، التي تعد إحدى أولويات الدولة في الوقت الراهن، حيث تعمل الجهات المعنية، على تعزيز دعائم هذا النوع من الاقتصاد الذي من شأنه الإسهام بقوة في تحقيق الاستدامة انسجاماً مع رؤية الإمارات 2021، واستعداداً لما يُتوقع أن تشهده السنوات القادمة من تحوّلات اقتصادية كبيرة عالميًّا، لتكون دولة الإمارات في قلب هذه التحولات. وفي هذا السياق، أكّد معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي وزير التغير المناخي والبيئة، أن اعتماد تشكيل مجلس الإمارات للاقتصاد الدائري، الذي يضم نخبة من الخبراء وأصحاب الكفاءات في الدولة، سيعزّز التعاون والتنسيق على مستوى دولة الإمارات لتسريع تطبيق معايير وآليات منظومة الاقتصاد الدائري، بما تشمله من تشريعات وبرامج ومشاريع ومبادرات كبيرة، تسهم في تحقيق مستهدفات الدولة وتوجهاتها للتحول نحو الاقتصاد الأخضر.
وتهدف «سياسة الاقتصاد الدائري»، إلى تحديد أولويات الدولة في تعزيز هذا النوع من الاقتصاد في عدد من القطاعات ذات الأولوية، وهي البنية التحتية الخضراء، والنقل المستدام، والتصنيع المستدام، وإنتاج واستهلاك الغذاء المستدام. كما ستعمل أيضاً على تعزيز الصحة البيئية، ودعم القطاع الخاص في تحوّله إلى تبني أساليب وتقنيات الإنتاج النظيف، إلى جانب الحدّ من الإجهاد البيئي وتلبية الاحتياجات الأساسية، لتكون دولة الإمارات ضِمن الرواد العالميين في مجال التنمية الخضراء.
وسيتولى المجلس الإشراف على إعداد آلية تطبيق سياسة الدولة للاقتصاد الدائري، ومتابعة متطلباتها لتنفيذ المبادرات المحدّدة لكل قطاع، بالتنسيق مع الجهات المعنية، واعتماد مؤشرات الأداء الخاصة بمتابعة التقدم المحرَز، ومواءَمة الاستراتيجيات الاتحادية والمحلية مع متطلبات السياسة، واقتراح الأسس العامة للخطط والمشاريع العامة والقطاعية المتعلقة بتطبيق نهج ومبادئ الاقتصاد الدائري، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في المشاريع والمبادرات والبرامج ذات الصلة، إلى جانب تشجيع مشاريع الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وتعزيز التعاون الدولي والشراكات الدولية، فيما يخص تطبيق الاقتصاد الدائري على المستوى العالمي.
ومن خلال ما تستهدفه سياسة الاقتصاد الدائري من تحقيق الإدارة المستدامة للاقتصاد والاستخدام الفعّال للموارد الطبيعية والبيئية، وتعزيز أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامين عبر تشجيع القطاع الخاص على التحول إلى أساليب وتقنيات الإنتاج الصناعي الأنظف، بما في ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي والتقنيات الأخرى للثورة الصناعية الرابعة، يُتوقع تحقيق عوائد اقتصادية كبيرة للدولة وتعزيز نموها الاقتصادي، وتخفيف الضغط البيئي، وتحفيز الابتكار، وزيادة القدرة التنافسية للدولة بما يعزّز مكانتها على المستوى العالمي.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية