في الثاني من ديسمبر من هذا العام، نصل إلى العام الخمسين منذ إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة. ولعله من الصعوبة بمكان أن نحصي حجم الإنجازات التي تحققت بفضل من الله عز وجل، ثم برؤية وحكمة وتخطيط ومتابعة قيادة الدولة. لكن دعونا نستذكر بعضاً منها لتبقى في ذاكرتنا وذاكرة أجيال المستقبل. كان، وما زال، الاتحاد بين الإمارات السبع هو أبرز تلك الإنجازات، إذ كان بمثابة الباب الذي استطعنا الولوج من خلاله إلى عصر جديد تبوأه نجاح القيادة في استشراف المستقبل، والذي تلاه إنجاز بناء الوطن الذي ندين له بالولاء والانتماء، ثم جاء بناء دولة المؤسسات والقانون. أضف إلى ذلك النجاح في تسخير موارد الدولة لصالح المجتمع وتنميته وازدهاره، والذي أثمر عن عدة إنجازات أخرى وضعت بصمة الإمارات على الساحة العربية والدولية.
ويأتي التعليم ومدى التقدم الذي حققه من أبرز القطاعات التي تم استثمار موارد الدولة فيه، وبالتالي تحققت عدة إنجازات أخرى نتيجة لذلك، من أهمها إصدار قانون القراءة، وهو القانون الأول من نوعه في العالم، ثم إطلاق منصة الحكومة الرقمية للطفل تجسيداً لحقوق الطفل المتمثلة في امتلاك المعرفة، بجانب تأسيس جامعة «محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي»، التي تسعى إلى تمكين جيل جديد من قادة الذكاء الاصطناعي من خلال التعليم الاستثنائي. أضف إلى ذلك إنجاز إطلاق اختبار الإمارات القياسي «إمسات» ومنظومة المؤهلات الوطنية في التعليم والتدريب المهني، وعلى الصعيد العربي أطلقت الإمارات «تحدي القراءة العربي» ومبادرة المليون مبرمج عربي.
ثم تأتي الإنجازات في مجالات الصحة والإسكان والبنية التحتية، والمساعدات الإنسانية، والسياحة، ونشر الأمن والأمان في ربوع الوطن، والريادة في التسامح، في ظل بناء قوات مسلحة حديثة يرتبط بها إنجاز آخر مهم، وهو تدشين الخدمة الوطنية بين شباب الوطن. ولا يفوتنا ذكر السياسة الخارجية المتوازنة والعقلانية، التي أثمرت عن إنجاز تبوؤ جواز السفر الإماراتي المركز الأول عالمياً، في ظل تميز الدولة في مجال القوة الناعمة عربياً وعالمياً. ثم يأتي نجاح الدولة في بناء اقتصاد قوي نتج عنه إنجازات تنويع مصادر الدخل ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وصناعة الطيران، إضافة إلى إطلاق استراتيجيات الإمارات للثورة الصناعية الرابعة والابتكار، والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، والأمن المائي والأمن الغذائي. 
وقد تحقق ذلك كله في ظل إنجازات إطلاق الحكومة الرقمية وبرنامج الإمارات للخدمة الحكومية المتميزة والهوية الرقمية، بجانب إنشاء أول وزارتين من نوعهما في العالم للسعادة واللا مستحيل. وتسير تلك الإنجازات، وغيرها، في ظل نجاح الدولة في مجال إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث لحماية كافة المنجزات الوطنية. وكان من أبرز نتائج ذلك الجهد الجبار، نجاح الدولة في تصدر بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واحتلال المركز التاسع عالمياً في تقرير التنافسية العالمية، الأمر الذي ساهم بقوة في تحقيق إنجاز استضافة إكسبو 2020. ولم تقف الإمارات عند حدود الإنجازات على كوكب الأرض، وانطلقت لتحقيق إنجاز استكشاف الفضاء ثم وصول «مسبار الأمل» لكوكب المريخ، يليه الوصول إلى القمر في المستقبل القريب. وبالرغم من أن كافة تلك الإنجازات قد تحققت على مستوى الحكومة الاتحادية، إلا أن الحكومات المحلية نجحت أيضاً في تحقيق إنجاز إطلاق العديد من الاستراتيجيات المٌكملة لنظيرتها الوطنية، في ظل تمكين المرأة والتوطين ورعاية المواهب الوطنية ودعم ذوي الإعاقة – أصحاب الهمم.
وأخيراً، لم يكن لكل هذا أن يتحقق لولا نجاح قيادة الإمارات في بناء المواطن، والذي بلا ريب أساس إنجازات الخمسين عاماً الماضية وجميع الإنجازات المستقبلية.