ليس جديداً على دولة الإمارات العربية المتحدة اهتمامها بالبيئة، وحرصها على الحد من آثار التغير المناخي، ودعمها الجهود الدولية الساعية إلى تطويق التداعيات التي يتسبّب بها هذا التغير على أشكال الحياة كافة، والتي باتت واضحة للعيان ويمكن للإنسان غير المتخصّص أن يلمسها ويرى تأثيرها المباشر في كل مكان حول المعمورة، سواء من حيث ارتفاع درجة حرارة الأرض، أو اتساع رقعة التصحر وتسارع وتيرته، أو تطرّف المناخ، وتكرار مواسم الجفاف والفيضانات الكارثية التي تشهدها أماكن عدّة من العالم.
هذا الاهتمام يشكل ركناً أساسياً في نهج الدولة منذ قيامها، وجزءاً أصيلاً من سياساتها البيئية التي وضعت الحد من تداعيات التغير المناخي على رأس أولوياتها، نظراً لأثر ذلك في دعم التنمية الاقتصادية المتسارعة التي تحقّقها. وهو أيضاً امتداد لإرث عريق تركه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، «رجل البيئة الأول»، و«بطل الأرض»، الذي كسر حاجز المستحيل، وحوّل الصحراء إلى حدائق خضراء، وحرص على أن تسير جهود الدولة التنموية في خطٍّ متوازٍ مع ضوابط سلامة البيئة، ومتطلبات المحافظة على توازن عناصرها، والتقليل ما أمكن من أي أنشطة أو ممارسات قد تُلحق الأذى بالنظم المناخية والبيئية، محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، ودعم ومساندة الجهود العالمية الرامية إلى تقليل الانبعاثات، وكذلك المخلّفات التي تشكل مصادر التلوّث الرئيسية التي تُلحق الضرر بالبيئة والمناخ.
إن استضافة دولة الإمارات «مؤتمر الحوار الإقليمي للتغير المناخي»، واهتمام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، ومتابعته مجريات الحوار، واستقبال سموّه جون كيري، المبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون تغير المناخ، والمباحثات التي أجراها معه، تشير كلّها بوضوح إلى حرص دولة الإمارات وجدّيتها وإدراكها أهمية توحيد الجهود العالمية في مواجهة أكبر خطر يمكن أن يهدد الحياة والتنمية والرفاهية على الأرض، وضرورة التحوّل بهذه الجهود من الإطار النظري إلى الممارسات العملية التي تقلل من الآثار السلبية للتغيرات المناخية على النظم البيئية والاقتصادية، وتنفيذ المشاريع ذات الانبعاثات المنخفضة أو الصفرية، التي تلعب دوراً محورياً في ضمان مستقبل أكثر استدامة للبشرية.
والبيان الذي صدر عن المؤتمر يمثّل بادرة طيبة وخطوة إيجابية على طريق التزام دول العالم نحو إنجاح اتفاق باريس، من خلال تبنّي حلول الطاقة المتجددة، والبحث عن مصادر جديدة للطاقة خالية من الكربون، وهو ما تتبناه الإمارات وتتوسع فيه لتقديم نموذج عالمي يلهم الإنسانية جميعاً.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية