مجدداً اجتمع قادة العالم لبحث مستقبل الأرض، القمة التي دعت إليها الإدارة الأميركية هذه المرة تمت بمشاركة 40 دولة لبحث تلك القضية، التي يبدو أنها شائكة، ومن الصعب وضع حد لها ومعالجة آثارها.
فمعظم دول العالم لا تلقي بالاً للأرض والبيئة، ولا تكترث للتغيرات المناخية التي تزيد من احتمالية وقوع كوارث جديدة لا تقف عند حد ذوبان الثلوج وانحسار كميات المياه الطبيعية واشتعال الحرائق في الغابات، لأن القادم أسوأ إن لم يتم وضع قوانين رادعة وفرض عقوبات صارمة على كل من لا يلتزم بها.
ومنذ أيام احتفل حوالي مليار شخص بـ«يوم الأرض»، تحت شعار «استعادة أرضنا»، ومثل كل عام، رفعوا أصواتهم ضد منتهكي النظام البيئي، ودعوا إلى تغيير السلوك البشري ليصبح أكثر رحمة بالطبيعة. لكن تغيير هذا السلوك مرتبط بإقرار الدول سياسات عامة والالتزام بتطبيقها، وهو ما دعت إليه القمة الجديدة، من خلال طرح عدة مقترحات على رأسها خفض الانبعاثات الكربونية، واتخاذ إجراءات جادة وعملية لحماية الأرض.
إن التحرك الأميركي الأخير لصالح البيئة في هذا العام، والذي تقوده إدارة الرئيس بايدن إنما هو استكمال لما بدأته إدارة الرئيس الأسبق أوباما، ويعيد الأمور إلى نصابها بعد انسحاب إدارة الرئيس السابق ترامب من اتفاقية باريس للمناخ، ولهذا فإن الخطوة الأميركية الجديدة تمثل عودة الحياة للاتفاقية التي لم تنفذ بنودها بسبب الخلافات التي تصاعدت بين الدول الصناعية الكبرى.
قليلة جداً هي الدول الملتزمة بحماية المناخ مقارنة بعدد الدول التي تخرب الطبيعة وتقف ضد تمرير أو تنفيذ القرارات الدولية الخاصة أو المرتبطة بحماية البيئة والمناخ، فتلك القرارات لا تصب في صالح كبار الاقتصاديين - الصناعيين الذين يضعون مصالحهم أولاً من دون أي اكتراث منهم لمصائر الشعوب. 
إن دولة ناشئة مثل الإمارات وضعت استراتيجية تحترم البيئة، وهي ملتزمة بها ذاتياً من منطلق حرصها على أن تكون دولة متكاملة من جميع النواحي، وهو ما سيمكنها من أن تصبح المكان الأول الجاذب للمال والأعمال والأفراد، فحكومة الإمارات بدأت منذ عام 2007 بتحقيق سياساتها واستراتيجيتها المناخية، بدءاً من المباني صديقة البيئة، وتخفيض الانبعاثات الكربونية، واستخدام الطاقة النووية السلمية والطاقة الشمسية، بالإضافة إلى إلزام أصحاب الأعمال بتطبيق المعايير التي تحمي المناخ، وفرض مخالفات على كل من يخالف الأنظمة والقوانين المعمول بها.
وفي القمة البيئية الافتراضية الأخيرة، حضرت الإمارات باعتبارها شريكاً أساسياً في اتفاقية باريس للمناخ والدولة الخليجية الأولى التي وقعت عليها، وخلال القمة استعرض صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، رؤية الدولة بالنسبة لقضايا التغير المناخي، خصوصاً وأن تجربة الإمارات متميزة في استخدام الطاقة النظيفة، والاستثمار فيها بحوالي 52 مليار دولار محلياً ودولياً، وتقديم المساعدة للدول النامية في ما يرتبط بهذا القطاع، إلى جانب اعتمادها على سياسة تنويع الاقتصاد المستدام الصديق للبيئة.
إن استخدام تقنيات خضراء صديقة للبيئة يخفف من نسبة الأضرار التي تلحق بالبيئة، ويقلل من الأمراض الناتجة عن تلك الأضرار، ويحسن نوعية الحياة. ومن المؤكد أن الحفاظ على البيئة ليست مسألة مرتبطة بالرفاه على الإطلاق، إنما هي ضرورة ملحّة للحفاظ على الحياة ذاتها وإبقاء كوكب الأرض سليماً قدر المستطاع، إذ لا مكان لنا سواه نحن البشر.
على الرغم من حرص بعض الدول على وضع وتنفيذ سياسات لإنقاذ الأرض، إلا أنني شخصياً لا أزال على قناعة بأن الجشعين في دول أخرى يعملون جاهدين ليبقى الوضع على ما هو عليه، وبما يسمح لهم بزيادة ثرواتهم غير عابئين بما يخلفونه من دمار للطبيعة، وبأن البشرية عموماً لم تدرك بعد عِظم المخاطر وجحيم الكوارث التي يلحقونها بالكوكب، لست متشائماً بطبعي، لكن إلى متى ستبقى أرضنا تئن؟