تدر تجارة المخدرات وزراعة الخشخاش دخلاً قوياً لحركة «طالبان» في أفغانستان، وهو الدخل الذي ساهم في نشوء(إمبراطورية الإرهاب والسلطة) بين «طالبان» و«القاعدة» منذ ثمانينات القرن الماضي، والتي لا تزال مسألة حيوية لبقاء «طالبان» حتى يومنا هذا، حيث تشكل حقول الخشخاش في أفغانستان وحدها ما يزيد على 90 بالمئة من إنتاج العالم من الهيروين والمخدرات بكافة أشكالها.

ولطالما فرضت «طالبان» ضرائب على المزارعين الذين يزرعون الخشخاش خارج منظومتها لتمويل عملياتها الإرهابية، ما يؤصل ارتباط هذه المنظمة بالمخدرات.

وعلى غرار «طالبان» وإنعاش تجارة المخدرات كمصدر تمويل للإرهاب إبان حكمها وبعده، فإن «حزب الله» في لبنان يمارس الاستراتيجية ذاتها في توظيف تجارة المخدرات كمصدر حيوي لبقاء الحزب ممسكاً بمفاصل السلطة اللبنانية ومحركاً أساسياً لسياستها الداخلية والخارجية، تحت الغطاء الكامل من الدولة اللبنانية المختطفة، والتي لا تستطيع القيام بأي عمل رادع لهذه المنظمة المحترفة في تجارة وحرب المخدرات سوى الرضوخ، والرضوخ فقط. فبعد أن كانت لبنان منارة للثقافة والنشر ووجهة سياحية هادئة.

وبعد أن كانت «باريس العرب» و«سويسرا الشرق»، وبعد أن كانت لبنان تصدر الكفاءات العالية من الأطباء والمهندسين والخبراء، باتت اليوم وكراً لعصابات المخدرات ومروجي ومصدري الكبتاجون تحت وطأة حزب يعد أكبرمصدر للإرهاب ونموذجاً للمليشيات العابثة باستقرار المنطقة العربية بل والعالم أجمع، ليرتبط اسم حسن نصر الله مباشرة بتجارة المخدرات التي تجاوزت الحدود العربية في أحداث متفرقة من العمليات التي تم كشفها، كقضية النيجر التي اتلفت قبل شهر 17 طناً من الحشيش قادمة من لبنان قبل أن ينجح المهربون في ﻧﻘﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻦ ﺷﺎﺣﻨﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻋﺒﺮ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺃﻏﺎﺩﻳﺰ بلغت ﻗﻴﻤتها 37 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺩﻭﻻﺭ‏، كذلك إعلان اليونان ضبط أكثر من 4 أطنان حشيش مخدر مخبأة في شحنة آلات صنع الحلويات قادمة من لبنان إلى سلوفاكيا، وقيمتها حوالي 33 مليون يورو وتم ضبطها بمساعدة المديرية العامة لمكافحة المخدرات في المملكة العربية السعودية.

قامت المملكة العربية السعودية بخطوة رائدة هذا الأسبوع، حين قررت منع دخول الخضروات والفواكه اللبنانية وإيقاف استيرادها نتيجة اكتشاف عدة عمليات تهريب للمخدرات كان آخرها ضبط أكثر من 5.3 مليون حبة كبتاجون يوم الجمعة الماضي في ميناء جدة قادمة من لبنان كانت مخبأة داخل ثمار الرمان، ما اضطر المملكة إلى اتخاذ هذا القرار بعد تكرار هذه العمليات الإجرامية الممنهجة من «حزب الله» الإيراني لضرب الشباب السعودي، حيث تم إحباط أكثر من 600 مليون حبة مخدرة خلال ستة أعوام، إضافة إلى مئات الكيلوغرامات من الحشيش المخدر بكميات كافية لإغراق الوطن العربي بأكمله وليس السعودية لوحدها كما صرح السفير السعودي في لبنان.

30 في المائة من مداخيل «حزب الله» في لبنان هي في الأساس عائدات تهريب وتصنيع وبيع المخدرات، هذا هو منطق المنظمة الإجرامية التي تشكل خطراً مباشراً على مجتمعات المنطقة وأمنها. الحزب تجاوزت خطورته مرحلة العمليات العسكرية والإرهابية ليصبح مشروعه تدميرالشعوب عن طريق المخدرات، التي يدير تجارتها من خلال سيطرته على مخارج ومداخل لبنان، وتحت ذرائع وفتاوى دينية تعتبر أن بيع المخدرات للمجتمعات التي يعتبرها معادية أمراً حلالاً وواجباً دينياً وأخلاقياً، ولا يتعارض مع مفهوم ما يسميه حزب نصرالله «المقاومة»، ما يحتم ضربات اقتصادية قاسية تشل تمويل الحزب وتوقف عبثه في المنطقة، وتجنب مجتمعاتنا خطوة حربه الخفية التي تستهدف عقول شبابنا وتستنزف مقدراتنا.


* كاتبة سعودية