قبل عام مضى، كان الوضع العالمي على صعيد مواجهة الوباء الحالي، مختلفاً تماماً عما هو عليه الآن. فقبل عام فقط، كان فهمنا لفيروس كوفيد-19 محدوداً جداً، ورغم أن فحص الكشف عن الإصابة بالفيروس كان متوفراً، إلا أنه كان ولا زال فحصاً يحتاج إلى معامل متخصصة، ويستغرق يوماً أو كثر، ولم يكن متوفراً حينها فحص سريع، أو تطعيم، أو معلومات كافية عن أي علاج فعال. والآن أصبحت الفحوصات سريعة النتائج متوفرة، وتمت إعادة توظيف أدوية وعقاقير معروفة سابقاً، لتخفيف حدة أعراض المرض وشدة مضاعفاته، كما نجح العلماء في تطوير عدة أنواع من التطعيمات الفعالة المعتمدة على تقنيات مختلفة. هذا التقدم العلمي الهائل تم بسرعة فائقة، ضمن جو غير مسبوق من التعاون الدولي.
ولكن رغم كل هذا، يظل فيروس كوفيد-19 ينتشر انتشار النار في الهشيم، وتظهر منه بين الحين والآخر أصناف متحورة. ويعود ذلك لسبب رئيسي، وهو فقدان العدالة في توزيع ما أصبح متاحاً من أدوات لمواجهة الوباء. ففي الوقت الذي قتل فيه الفيروس أكثر من 3 ملايين شخص، وتهدد موجات متتابعة من الوباء عدة دول، يبقى فقدان العدالة في توزيع الفحوصات، والعلاج، والتطعيمات، هو العائق الأكبر أمام الجهود الدولية لوقف انتشاره. علماً بأن السماح للفيروس بالانتشار على نطاق واسع، سيتيح له الفرصة بالتغير بشكل متسارع، مما يهدد فعالية ما هو متاح لنا جميعاً من سبل لمواجهته. ولذا يعتبر انتشار الفيروس في دولة ما، خطراً داهماً على جميع دول العالم دون استثناء.
مما يجعل من المهم والضروري، تضافر ودعم الجهود الدولية، بشكل يسمح بحصول جميع الدول على الأدوات والسبل التي يحتاجونها للتحكم في الفيروس، ووقف انتشاره على نطاق واسع، وبالتالي منع ظهور النسخ المتحورة، التي قد تعجز التطعيمات المتوفرة حالياً أمامها، كي لا نعود جميعاً إلى المربع الأول أو نقطة الصفر.
وهو ما عبر عنه مدير منظمة الصحة العالمية مؤخراً بقوله: إن زعماء العالم يواجهون حالياً خيارين لا ثالث لهما، إما الاستثمار الآن في إنقاذ حياة الآخرين، من خلال معالجة جذور الوباء في جميع دول ومناطق العالم، أو الاستمرار في إنفاق تريليونات الدولارات على التبعات فقط، دون أن تكون هناك نهاية في الأفق.