يحتفل الإماراتيون في اليوم التاسع عشر من رمضان في كل عام هجري بيوم «زايد للعمل الإنساني»، معبرين عن قيمتين مهمتين رسختا في وجدان كل مواطن ومواطنة منذ تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في أوائل سبعينيات القرن الماضي وحتى اليوم. القيمة الأولى تتمثل في الولاء المتجدد والانتماء الراسخ الذي يتمتع به ساكن هذه الأرض لبلاده ولقيادته. والثانية هي الحرص على السير على نهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في العمل الإنساني والنشاطات الخيرية، وفاءً لما زرعه هذا الرجل العظيم في نفوسهم، واستلهاماً لمسيرته الحكيمة التي جعلت منه رمزاً عصياً على النسيان في ذاكرة العالم.
ويوم «زايد للعمل الإنساني» ليس تذكيراً لأناس لم ينسوا في الأصل أدوارهم الخيّرة ومسؤولياتهم تجاه مجتمعاتهم والمجتمعات الإنسانية التي تحتاجهم، وإنما هو «ترميز» تذكاري لمناشط قائمة طوال السنة في الإمارات وخارج الإمارات، و«تقدير» لمواطنين ومواطنات وجدوا في البذل والعطاء والأعمال الإنسانية لغة ثانية يتحدثونها بطلاقة للتعبير عن وطنهم وعن ذواتهم، وفوق ذلك كله، هو استذكار ليد زايد النديّة التي امتدت بالخير للقريب والغريب، حتى صارت مضرب مثل في العمل الإنساني. 
لا تجد اليوم جزءاً منكوباً في الكرة الأرضية إلا وهناك يد إماراتية تَربِتُ على «كتِف حزنه» وتمد له العون. ولا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن مساعدات إماراتية تقطع آلاف الكيلومترات لتصل إلى من يحتاجها في أصقاع الكرة الأرضية. ولا تُذكر وتقدّر أعمال إنسانية في المحافل الدولية والمنتديات العالمية إلا ويكون للإمارات والإماراتيين نصيب منها.
جاء رمضان هذا العام، كما جاء الذي سبقه، وكما سيجيء الذي يليه، بالذكرى المتجددة ليوم «زايد للعمل الإنساني»، محفزاً مبادرات العطاء في نفوس أهل الخير، وباعثاً في نفسي الرغبة في كتابة بعض الأمنيات الصغيرة التي يدور مضمونها حول المسؤولية الاجتماعية والأعمال الإنسانية.
الأولى، إنشاء قسم أو كلية في إحدى الجامعات الإماراتية المرموقة يمنهج «الأعمال الإنسانية» ويدرّسها، باستنارة واستلهام من مسيرة الشيخ زايد الإنسانية، رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه. الإمارات القدوة في العمل الإنساني على مستوى العالم حريٌ بها أيضاً أن تكون قدوة في تدريس مناهج هذا النوع من العلم أيضاً. وكذلك تصميم منهج لمادة دراسية تُعنى بتدريس طلبة مراحل التعليم العام منهج الشيخ زايد في الأعمال الإنسانية، بالإضافة إلى مبادئ المسؤولية الاجتماعية ونشاطات التطوع المختلفة.
الثانية، إصدار عملة تذكارية تحمل اسم «زايد»، قابلة للتداول فقط في المشاريع الخيرية والأعمال الإنسانية.
الثالثة، تخصيص فرع من جائزة «زايد للأخوة الإنسانية» لتكريم المتطوعين والمتطوعات لأعمال الخير، بهدف زرع هذه القيمة العليا في نفوس الناشئة في مختلف دول العالم على اختلاف أعراقهم وجنسياتهم وأديانهم ومرجعياتهم الثقافية.
الرابعة، تسجيل هذا اليوم الرمضاني المبارك في الأجندة السنوية لجامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة، ودعمه إعلامياً واجتماعياً عبر سفارات الإمارات العربية المتحدة في مختلف دول العالم، فـ«يوم زايد للعمل الإنساني» ليس خاصاً بالإماراتيين والإماراتيات لوحدهم، بل هو يلامس كل من يتنفس الإنسانية على وجه الأرض.
عبدالله ناصر العتيبي*

* كاتب سعودي