تعد «قوة مهام اللقاح» البريطانية أكبر انتصار للمملكة المتحدة منذ فوزها في أولمبياد 2012، والانتصار الحالي أكثر أهمية بكثير. لقد منحت قوة المهام المملكة المتحدة التي بها واحد من أعلى حصيلة وفيات الجائحة في العالم إمكانية دخول مبكرة لطائفة من اللقاحات الفاعلة وبدء تحصين السكان. وأنقذت أرواحا لا تحصى. فهل تستطيع الحكومة تكرار هذا النجاح في صورة العثور على عقار يمكنه معالجة كوفيد-19 في المنزل؟ هذا على الأقل هو الخطة المستهدفة. فقد تشكلت قوة مهام جديد لمكافحة الفيروسات للتوصل إلى عقارين يمكنهما معالجة كوفيد-19 في المنزل قبل نهاية العام ووضع آلية لتوفير العقاقير في العام التالي. وهذا جزء من نهج حكومي ثلاثي المسارات للتصدي لموجة ثالثة من الإصابات، إلى جانب تجهيز جرعات داعمة للتصدي لسلالات جديدة من الفيروس ومواصلة الاختبارات على نطاق جماهيري. 

وهناك حجج قوية للمضي قدماً في الوسائل العلاجية. فحتى مع مسعى البلاد في إعطاء اللقاحات، سيستمر بعض الانتشار للفيروس في المجتمع. وسيصاب عدد صغير من الناس بالفيروس بعد تلقيهم اللقاح، لكن لن يتم إعطاؤهم اللقاح سواء بسبب التردد أو لسبب طبي. واحتمالات تلقي الشباب للقاح أقل قليلاً، لكن يرجح بالمثل إصابتهم بمرض «لونج كوفيد» الذي قد يترك أعراضا مدمرة لفترة طويلة بعد القضاء على الفيروس. وذكرت داليا داود، المستشارة العلمية البارزة في «المعهد القومي للصحة وجودة الرعاية في بريطانيا»، والتي شاركت في دراسة في الآونة الأخيرة عن الأثر الاقتصادي للعقاقير المضادة للفيروسات، أن التوصل إلى أقراص «تعرقل سير كوفيد-19»، بحسب وصف رئيس الوزراء بوريس جونسون، سيثبت أنه غير مكلف فيما يتعلق بجودة سنوات الحياة والإجراءات الأخرى. 
والتحدي الذي يواجهه الطب الحيوي في تطوير عقاقير مضادة للفيروسات مختلف تماماً عن التوصل إلى لقاحات. فليس من السهل التوصل لعقاقير معالجة للفيروسات لأنها تستعمر الخلايا البشرية ومعدل تكاثرها مرتفع وقادرة على التحور. فمن بين 220 فيروسا معلوم أنها تصيب البشر، لا يقدم تطوير العقاقير المضادة للفيروسات عقاقير إلا لعشرة من مسببات الأمراض تلك، ونصفها تقريباً يُستخدم في معالجة الفيروسات الارتجاعية مثل (إتش. أي. في). 

وقوة المهام الجديدة في المملكة المتحدة ستختار إلى حد كبير من العقاقير الموجودة بالفعل لاستخدامها في أغراض أخرى، وعدد قليل منها يخضع لتجارب المرحلة الأخيرة للعثور على عقاقير مرشحة لعلاج الفيروس. ويرى جون بامفورث، مدير «معهد إشلمان للابتكار» في جامعة نورث كارولاينا أن المسعى ليس سهلاً، لكن البحث والاستثمار الحاليين يقدمان المساعدة. وبامفورث وهو أيضا المدير التنفيذي المؤقت ل «المبادرة الناشئة سريعا لتطوير العقاقير المضادة للفيروسات» وهي شراكة بين القطاعين العام والخاص، وتركز على التعرف على العقاقير المرشحة المضادة للفيروسات لاستخدامها للتصدي للجوائح في المستقبل. 
والمال مازال حتى الآن أكبر عقبة في تطوير العقاقير لمحاربة الفيروسات. والأمر يستغرق ما بين 10 إلى 15 عاماً لظهور عقار جديد في السوق، وقد يتكلف أكثر من مليار دولار في المتوسط، وقد تصل الكلفة غالباً إلى 2.6 مليار دولار. والفترة بين الاكتشاف والطرح في الأسواق يسقط فيها مشروعات كثيرة. وحتى الجهود الواعدة في الاستجابة لمرض ما قد تضعف حين يتلاشى الفيروس لأن شركات العقاقير تريد التأكد من سوق نشطة لمنتجاتها. لكن الأزمات تميل لأن تنحي العراقيل المعتادة جانبا. وهناك حاليا مئات المشروعات العلاجية والتجارب حول العالم. 
وأعلنت المعاهد القومية للصحة في الولايات المتحدة عن 155 مليون دولار لتمويل شراكة بين القطاعين العام والخاص لاستكشاف مجموعة من العقاقير التي أقرتها إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية لاستخدامها في غرض التصدي لكوفيد-19. ومولت أوروبا أيضا هيئتها الخاصة بالأبحاث والتطوير بمبلغ 91.2 مليون دولار (75.8 مليون يورو) على مدار خمس سنوات. وبرنامج تجارب التضامن التابعة لمنظمة الصحة العالمية لديها 500 مستشفى كمواقع لاختبار العقاقير التي تستخدم لغرض جديد. وهناك أيضا تحالف كوفيد للأبحاث والتطوير الذي شكلته 20 شركة في علوم الحياة وشركات رأس المال الاستثماري للوصول سريعاً إلى عقاقير مرشحة للتصدي للفيروس. 
وقوة المهام البريطانية الجديدة تريد أن تضمن كفاءة وسلامة عاليتين مع بيانات قوية والقدرة على توفير إمداد ملائم بما في ذلك التصنيع المحلي. وأحد العقاقير المرشحة التي يجري مراقبتها عن كثب هو عقا «مولنوبيرافير molnupiravir» لشركة ميرك الأميركية والذي يمر حاليا بالمرحلة الثالثة من التجارب السريرية. ومنحت ميرك لتوها ترخيصاً طوعياً غير حصري مع المصنعين لغير العلامات التجارية في الهند للتعجيل بتوافر «مولنوبيرافير» هناك إلى حين التوصل إلى موافقة من الجهات المنظمة. وذكرت صحيفة تليغراف البريطانية أن شركة فايزر تبدأ تجارب سريرية لعقار مضاد للفيروسات يجري تعاطيه عن طريق الفم اسمه الكودي PF-07321332. 
وأشارت تجربة في كندا في يناير إلى أن عقار «كولتشيسين» المستخدم في علاج النقرس، وهو رخيص ومتوافر على نطاق واسع في صورة أقراص، يمكنه المساعدة في حالة المرض الشديدة من كوفيد-19 إذا تم تعاطيه بعد فترة قصيرة من ثبوت الإصابة. وتختبر منظمة «برينسيبيال ترايل» في المملكة المتحدة الآن عقار «فافيبيرافير» الذي أجيز في اليابان منذ 2014 لمعالجة الانفلونزا. فهل هذا المسعى الجديد يكرر النحاج الذي حدث في إنتاج اللقاحات؟ هذا سابق لآوانه، فلم يتم تحديد شيء بعد والنجاح في هذا الإطار الزمني القصير سيتوقف على نوعيات العقاقير التي توافق قائمة المعايير. ونحن في مرحلة مختلفة من الأزمة، والأمور قد تسير ببطء أكبر مع مزيد من البيروقراطية. 
وسيتعين على الحكومة التحلي بالشفافية في البيانات التي تعتمد عليها. وبعض الناس سيتذكر الضجة التي ثارت حول عقار «تاميفلو» أثناء وباء فيروس (إتش.1 إن.1)، أو حتى الجدل الذي أثير أثناء أزمة كوفيد بشأن فعالية العقاقير الموجودة مثل ريمديسيفير وهايدروكسكلوروكين. لكن وجود أقراص لمعالجة كوفيد19 هو هدف قصير الأمد جدير بالاهتمام. وعلى المدى الطويل، يتعين على المملكة المتحدة والحكومات الأخرى التفكير في المرة القادمة التي يضرب فيها الفيروس المدينة. 

*صحفية متخصصة في الشؤؤن البريطانية

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»