فلسطين من دون الأقصى كهشيم تذروه رياح السياسة التي تقصيه من معادلة الدولة التي يراد صناعتها للفلسطينيين في قالب جديد. المسجد الأقصى لا يقل قدسية دينية عن المسجد الحرام ولا المسجد النبوي الشريف.
المسجد الأقصى خصه الله في كتابه العزيز بالآية التي نصها: «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ليريه من آياته، إنه هو السميع البصير» الإسراء الآية 1.
الحفاظ على المسجد الأقصى هدف يحرص عليه الفلسطينيون والعرب والمسلمون ومن ثم لابد من مراعاة الرمزية التاريخية للمسجد بكل ما تحمله من عاطفة دينية ومكتنزات ثقافية لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزها أو السعي إلى تحييدها، حيث يظل المسجد والقدس هما القرص الصلب للقضية الفلسطينية، ومن دونهما يصعب إحلال الاستقرار أو تثبيت مساعى السلام التي أقرها العرب منذ مبادرتهم عام 2002. 

ويؤكد هذه الحقيقة الأزلية ما ورد عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! أي مسجد وضع في الأرض أولاً؟ قال: «المسجد الحرام» قلت: ثم أي؟ قال: «المسجد الأقصى» قلت: كم بينهما؟ قال: «أربعون سنة». فأينما أدركت الصلاة فصل فهو مسجد. رواه مسلم.
الأقصى ليس مسجداً كبقية المساجد التي تبنيها الدول في شتى بقاع الأرض، إنه أمانة التاريخ في رقاب العرب والمسلمين، حتى يتم تحريره بسلاح الفكر وكفاح السياسة. فهو مسؤولية الجميع والفلسطينيين واحد منهم، فلا يقوم المسجد الأجمل ولا الأضخم ولا الأوسع ولا الأغلى بنياناً مكانه. فالأقصى ثبت بما هو قطعي الدلالة وقطعي الثبوت.
لدى المسجد الأقصى مكانة ليس لها علاقة بالفتوى اختلافاً أو اتفاقاً وارتباطاً بتغير الزمان أو المكان ولا رغبة الإنسان وأهوائه.
فقضية الأقصى في هذه اللحظات الصادمة من زمن الأمة بحاجة إلى أقصى جهد لإعادة زخمها إلى أهلها من كافة أرجاء العالم. والاهتمام بها حق مشروع لملياري مسلم، وليس هناك استثناء لأي مسلم إقصاء الأقصى من المعادلة السياسية التي يراد تسويقها.
هذا وقد اعترف عراب إقصاء المنحى السياسي في الشأن الفلسطيني جاريد كوشنر «بفشل مسعاه الاقتصادي لتنفيذ ذلك من دون الفلسطينيين». وأكد أصحاب القضية هذا الأمر عندما اعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن«صفقة القرن» ستفشل قائلاً: إن«الفلسطيني رقم صعب لا يمكن تجاوزه».