ينطلق اليوم الأحد 23 مايو حدث متميّز وموعد ثقافي سنوي يُكرّس مكانة الإمارة قِبلةً ثقافيةً رائدةً، ووجهةً فريدة في عالم الكتاب والنشر عربيّاً وإقليميّاً ودوليّاً، حيث تستضيف العاصمة الإماراتية «معرض أبوظبي الدولي للكتاب»، في نسخته الثلاثين، والذي يستمر حتى 29 مايو الجاري، برغم كل الظروف الصحية الاستثنائية التي صاحبت تفشي وباء كورونا. 
وأضحى «معرض أبوظبي الدولي للكتاب» موعداً ثقافيّاً وملتقى فكريّاً ينتظره الصغير قبل الكبير ويقصدُه القاصي والداني من كل حدب وصوب للتواصل مع نخبة من الكتّاب الذين نذروا حياتهم لخدمة الفكر والثقافة، سعياً منهم للرفع من قيمة أسهم النشر العربي في سوق الممتلكات الفكرية العالمية. نخبة من الكُتاب وأهل الفكر والعلم يَحلّونَ بين ظهرانينا، كل عام، لتجود علينا قرائحهم الأدبية والعلمية بفيوض معرفيّة نذرت نفسها لأداء رسالة ثقافية وفكرية نبيلة. 
وإن اختلف، أحياناً، جَمعُ نقاد الفكر في تقييم مستوى المؤلفات، فإن أمة القُراء لا يُمكن أن تخطئ في اختيار كتب يتمتع أصحابها بفكر متين ورصين يُفَتّحُ البصر ويُفَتّقُ البصيرة، وبحر زاخر من العلم لا نتخبط فيه بين مدّ الظلامية الفكريّة وجزر العدمية الثقافية التي عهدناها في مؤلفات لا تفيد، وباتت تتناسل كالفطر في بعض أقطار المعمورة، بل هو أقرب ما يكون إلى مشعل يُنير سماء الثقافة بنوره، وشجرة سخية تشبع جوعى الفكر بثمارها وتعطر حقول المعرفة بطيب نسيمها. 
ولا يخفى على أحد دور إمارة أبوظبي في الاحتفاء بالعلم وأهل العلم، تقديراً واعترافاً منها بجهود وعطاء الكُتاب والنّخب الفكرية في تعزيز مكانة المجتمع بين الأمم ومدّ الأجيال الناشئة بسلاح معرفي لا يُقهر، ذخيرته العلم وعزيمته الإصرار على التفوق الفكري، بأعناق تشرئب إلى معارج المعرفة، لتتسلّم المشعل من سلفٍ أعطى فأجزل، وتمضي قُدماً بمسيرة العطاء المعرفي نحو الأمام في أبهى صُور تلاحم وشائج التعاون الثقافي بين السلف والخلف. فقد قال الأب المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، «إن أكبر استثمار للمال هو استثماره في خلق أجيالٍ من المتعلمين والمثقفين». وسيراً على هذا النهج، تولي القيادة الرشيدة لدولة الإمارات إقامة فعاليات ثقافية وفكرية ذات إشعاع عالمي اهتماماً كبيراً. وما «معرض أبوظبي الدولي للكتاب» إلا غيض من فيض، نَجَحَ في إيجاد موطئ قدم له على الخارطة الثقافية العالمية، بتحويله أبوظبي إلى بوتقة تنصهر فيها المعادن الفكرية على اختلاف مشاربها، في رحلة هُيّئت للبحث ضمن أروقة المعرض عن «خير جليس في الزمان». 

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.