أصبح من الثابت والمعروف، قوة العلاقة بين المضاعفات الخطيرة لـ«كوفيد-19»، وبين عدد من عوامل الخطر، والتي من أهمها التقدم في السن، والإصابة ببعض الأمراض المزمنة غير المعدية. ففي الوقت الذي لم تتخط فيه نسبة وفيات كورونا 1% بين من لا يعانون من أمراض مزمنة، نجد أن هذه النسبة ترتفع إلى 10.5% بين المصابين بأمراض القلب والشرايين، أي واحد من كل عشرة، وتصل إلى 7.3% بين المصابين بداء السكري، و6.3% بين المصابين بأمراض الرئة المزمنة، و6% بين المصابين بارتفاع ضغط الدم، و5.6% بين المصابين بالسرطان.

هذا الواقع أصبح معروفاً وراسخاً في الوعي العام، ولكن ما يزال يغيب عن وعي الكثيرين، هو قوة العلاقة بين التدخين وبين المضاعفات الخطيرة لـ«كوفيد-19». فعلى حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، يتعرض المدخنون لخطر الإصابة بالمضاعفات الخطيرة لـ«كوفيد-19»، والوفاة بسبب مرضهم، بنسبة تزيد من 40% إلى 50% مقارنة بغير المدخنين.
هذه الحقيقة شكلت المحور الرئيس للحملة الدولية، في اليوم العالمي للامتناع عن التدخين (World No Tobacco Day)، والذي يحل كل عام في آخر أيام شهر مايو. فحسب إحصائيات المنظمة الدولية، يقتل التدخين، واستخدام باقي منتجات التبغ، أكثر من 8 ملايين شخص سنوياً، 7 ملايين منهم بشكل مباشر، و1.2 مليون نتيجة التدخين الثانوي. وبوجه عام، يقتل التبغ ومنتجاته، نصف مستخدميه، بشكل أو بآخر.

وفي الوقت الذي يزيد فيه تدخين بضعة سجائر يومياً، أو التدخين بين الحين والآخر، أو حتى التعرض للتدخين الثانوي، من احتمالات الوفاة بطائفة متنوعة من الأمراض والعلل، مثل أمراض القلب، يؤدي التوقف عن التدخين فوراً، إلى انخفاض مثلا بنسبة 50% في احتمالات الوفاة بسبب أمراض القلب، وذلك بعد مرور عام واحد فقط على الامتناع عن التدخين.

وعلى ما يبدو أنه في زمن الوباء الحالي، أصبح التدخين يقتل بطريقة جديدة ومختلفة، وإن كانت غير مباشرة. فالمعروف أن التدخين يتسبب في ارتفاع ضغط الدم، وفي الإصابة بأمراض القلب والشرايين، وأمراض الرئة المزمنة، وهي جميعها أمراض ترتبط ارتباطاً وثيقاً بارتفاع نسبة الوفيات بين المصابين بفيروس «كوفيد19». ولذا بخلاف إجراءات الوقاية والصحة العامة، وتلقي التطعيم، يعتبر من المنطقي والبدهي الامتناع عن التدخين، كأحد أفضل السبل لخفض احتمالات الإصابة بالمضاعفات الخطيرة لـ«كوفيد19»، والوفاة بسببه.

* كاتب متخصص في الشؤؤن العلمية.