في ذروة الجائحة، قدمت ألمانيا وفرنسا خطة لتطوير الإنتاج الطبي إلى الاتحاد أوروبا. بعد أقل من 12 شهراً، اصطدمت المبادرة بعقبات. فقد تسببت الظروف السياسية في عام الانتخابات في ألمانيا، وكذلك تلاشي الحاجة الملحة التي أوجدتها أزمة فيروس كورونا خلال بدايتها في توقف الجهود، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. وتُظهر الانتكاسة كيف أن أفكار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإعادة تنظيم أوروبا تتعثر وتشير إلى تراجع إلى النمط المعتاد للشجار الوطني.
وفي الوقت الذي تستمر فيه المحادثات حول المبادرة الطبية، لا يوجد زخم يذكر، مع تحول برلين عن مسارها بسبب انتهاء فترة حكم المستشارة أنجيلا ميركل التي استمرت لمدة 16 عاماً بعد الانتخابات الوطنية في سبتمبر القادم، بحسب ما قاله مسؤولون طلبوا عدم الكشف عن هويتهم. وفي اجتماع وزاري مشترك الأسبوع الماضي، كان من الممكن أن تتفق الحكومتان فقط على إجراء مزيد من المحادثات حول كيفية التعاون فيما بينهما.
ومن جانبها، قالت ميركل للصحفيين بعد الاجتماع: «تريد ألمانيا وفرنسا العمل بشكل وثيق للغاية للاستفادة من تجربة الوباء».
وكانت المبادرة تهدف إلى إعادة تصنيع الأدوية والمعدات التي انتقلت إلى الولايات المتحدة وإلى آسيا بشكل خاص على مدى العقد الماضي إلى الوطن. وكانت الخطة ترمي إلى إنشاء ما يسمى بالمشروع الهام ذي المصلحة الأوروبية المشتركة، وهو برنامج الاتحاد الأوروبي لتعزيز الابتكار الذي يسمح باستخدام مساعدات الدول الأوروبية على نطاق أوسع. لقد كانت منطقة واضحة لتكامل أعمق مع الاتحاد الأوروبي بعد الكشف عن أوجه القصور الصارخة في سياق الوباء. كان الهدف هو دعم مواقع جديدة لإنتاج منتجات تتراوح بين أنابيب الاختبار والمواد اللازمة لإنتاج اللقاحات، وخلق فرص العمل وتعزيز استقلالية المنطقة في هذه المجالات.
لكن في الاتحاد الأوروبي، حتى المبادرات المشتركة من قبل أكبر اقتصادات المنطقة يمكن أن تتعثر بسبب جداول الأعمال المتنافسة والروتين الإداري، مما يُظهر الصراعات التي تواجه طموحات الكتلة لتصبح لاعباً عالمياً.
وكان وزير الاقتصاد الألماني «بيتر ألتماير»، الذي يتحدث الفرنسية بطلاقة والذي أعرب عن تعاطفه مع النهج الناشط للبلاد في إدارة اقتصادها، داعماً قوياً لمشروع الأدوية، إلى جانب سلسلة من المبادرات المشتركة الأخرى من إنتاج البطاريات إلى أشباه الموصلات والحوسبة السحابية. لكن ألتماير هو أيضاً حليف وثيق لميركل، وقد تم تهميشه مع تحول «الديمقراطيين المسيحيين» نحو نهج السوق الحرة. وجاءت أوضح إشارة عندما عين «أرمين لاشيت»، مرشح المحافظين لمنصب المستشار، «فريدريك ميرز» للإشراف على السياسة الاقتصادية للحزب.
ويعد المدير السابق لشركة «بلاك روك» من المتشددين الذين يدافعون عن المصالح الوطنية لألمانيا وبالتالي فهو أكثر تشككاً في التعاون الاقتصادي مع فرنسا. وصعوده لا يترك لألتماير المجال اللازم لإحداث تقدم في الأشهر الأخيرة من ولايته.ومع تعثر الجهود الأوروبية، تعمل ميركل على وضع استراتيجية وطنية، وينشغل مسؤولوها بإجراء محادثات مع الولايات المتحدة بشأن التوصل إلى نهج مشترك.

وقد اجتمعت ميركل وأعضاء مجلس الوزراء الرئيسيون في شهر مايو مع العلماء ومسؤولي صناعة الأدوية لمناقشة كيفية تجنب حدوث نقص في الأدوية مستقبلاً. وقال مسؤول مطلع على الأمر: إن الحكومة شكلت أيضاً مجموعة عمل تسعى إلى تعزيز التعاون بين الشركات الألمانية والأميركية وتجري محادثات مع عدد من المنتجين حول الشراكات المحتملة.
وأدى مأزق برلين إلى حدوث حالة من الإحباط في باريس، فهناك إدراك بمدى صعوبة الوصول إلى الإمدادات الطبية بعد أن جمدت الولايات المتحدة صادرات اللقاح في وقت سابق من هذا العام. وهناك قلق من أن الصين قد تسعى لاستغلال مثل هذه النقاط الصعبة في المستقبل.
ومع انهيار المحادثات حول إنشاء مراكز طبية مشتركة، أدت جهود وزير المالية الفرنسي «برونو لو مير» لبدء العملية إلى تلميح بحدوث حالة من اليأس. في وقت سابق من شهر مايو، طرح «لو مير» فكرة إنشاء كيان أوروبي من خلال دمج شركات الأدوية الفرنسية والألمانية، وحث ألتماير على العمل على إيجاد طريقة لتجاوز العقبات، وفقاً لمسؤولين مطلعين على المحادثات الوزيرين.
ويمكن لألتماير أن يبدي ما هو أكثر من مجرد ابتسامة ورفض مهذب، مشيراً إلى أن الحكومة الألمانية لا تدفع الشركات للدخول في شراكات.

بريجيت جينين* وآنيا نوسباوم**

*صحفية لدى «بلومبيرج»
**صحفية متخصصة في الشؤون الفرنسية 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»