حين نرى العالم بعين إنسان مجرد من كل تلك الصراعات الزائفة التي يعيشها العالم في كل زواياه، وأيضاً مجرد من كل تلك النزعات التصنيفية المولع بها العالم في عصرنا الحديث سترى تلك العين حقائق مؤلمة وأرقام مفزعة حول ضحايا الصراعات الزائفة وأكثرهم الأطفال الذين حرموا حق معيشة طفولتهم. وهذا ينعكس على بنائهم النفسي والذهني ويؤدى إلى نشوء أجيال غاضبة على المجتمع وعلى العالم حين ترى نظرائها يتمتعون بحقوقهم وهم محرومون منها وهذا حتما يؤدي إلى تعرض الأمن المجتمعي للبشرية إلى الخطر فكثير من هؤلاء الأطفال يصبحون أرضا خصبة تستغلها العصابات الإجرامية والإرهابية حول العالم.
من عدة أيام شاهدت فيديو مصوراً للنائبة اللبنانية المستقيلة بولا يعقوبيان، التي كانت تحمل صناديق من حليب الأطفال في رحلة عودتها من مصر إلى لبنان من أجل حملتها الإنسانية التي تتبناها في لبنان حملة (دفى) وسط دهشة ضباط الجمارك المصريين. كان هذا الفيديو ملخصاً لواحدة من الأزمات التي تعيشها الإنسانية حالياً، فأطفال لبنان لا يجدون الحليب وهو أبسط حقوقهم أن يحصلوا على الغذاء، لكنهم سقطوا ضحايا صراعات لا ذنب لهم فيها، ومن قبلهم أطفال غزة والكثير من الأطفال حول العالم، والذي لا يتسع المجال لذكرهم.
أما آن الأوان أن يلتفت العالم قليلاً نحو حقوق الأطفال المهدرة في الكثير من أركان العالم كالحق في الغذاء السليم والصحة والتعليم واللعب والحياة الآمنة، أما آن للمجتمع الإنساني أن يعي ماذا تعني الإنسانية.
في دولة الإمارات العربية المتحدة قيادة رشيدة استطاعت بكل وعي ومحبة أن تراعي حقوق أطفال الوطن، وكل طفل يعيش على أرض الإمارات وتوفير كافة السبل لحياة إنسانية حقيقية لهم دون تمييز أو تصنيف. وكان لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله توجيهات وعمل حقيقي على تقديم يد الدعم للبنان وخاصة دعم قطاعي الصحة والتعليم، وهما القطاعان الأهم بالنسبة للطفل وتجاوز بأخلاقه وقيمه الإنسانية الخلافات السياسية التي قد تكون حاكمة للعلاقة بين الحكومات وإعطاء الإنسانية الدور الأهم والرئيسي في تقديم يد المساعدة لأطفال غزة ولغيرهم حول العالم.
إن دور الإمارات في مجال الدعم الإنساني حول العالم متجذر في قيم المجتمع الإماراتي، والتي دائماً تعكس قيادته هذا التجذر. ففي عام 2018، تجاوزت قيمة المساعدات الإماراتية الخارجية 28.5 مليار درهم مستهدفة 42 بلدا حول العالم دون ربطها بالمواقف السياسية، أو التصنيف العرقي، أو الديني، أو غيره، بل تستهدف الإنسانية فقط.
أما آن للعالم أن يلتفت إلى الأطفال بإنسانية، أما آن لكل طفل في العالم أن يعيش حياة كريمة تتوفر فيها القواعد الإنسانية التي تحقق له السلامة والأمن والنمو والتعليم بصورة طبيعية.. أما آن للعالم أن يجعل الإنسانية هي المبتدأ لكل شيء. 
أستاذ زائر بكلية التقنية العليا للبنات، وباحثة إماراتية في الأمن الاجتماعي والثقافي