تباينت آراء السوريين حول نتائج مؤتمر روما الذي عُقد في 28 يونيو الفائت، فأما المتفائلون به (وهم كثر) فقد وجدوا فيه بداية التحرك الأميركي الجاد نحو الحل المنشود أممياً للقضية السورية، واعتبروه نتاجاً للقمة التي جمعت الرئيسين بايدن وبوتين في سويسرا مؤخراً، وكان مهماً أن يترأس المؤتمر وزير خارجية الولايات المتحدة، وأن يوسع مشاركة الحلفاء السبعة الكبار، والمدعوين من عدة دول عربية، فضلاً عن حضور الجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

كما كان لافتاً أن تغيب عن الاجتماع روسيا وإيران وسوريا. ويرى المتفائلون أن الولايات المتحدة سارعت لعقد هذا الاجتماع قبيل جلسة مجلس الأمن التي ستعقد في العاشر من يوليو الجاري، وسيناقش فيها موضوع المعابر، حيث أعلنت موسكو رفضها دعوة دول كبرى إلى استمرار تفويض الأمم المتحدة لإيصال المساعدات الإنسانية عبر معبر «باب الهوى»، وهو ما قد يهدد ملايين السوريين بمجاعة في شمال البلاد. والهدف الواضح هو حصار المناطق الخارجة عن سلطة الحكومة السورية وإحكام القبضة عليها، وهذا ما ترفضه الدول الغربية. ولابد من الإشارة هنا إلى موقف الولايات المتحدة حيث ترَأَّس وزير الخارجية بلكين بنفسه وفد بلاده في مجلس الأمن حول الموضوع وأعلن قوله: «سأكون على رأس الاجتماع الأممي في مجلس الأمن لخوض معركة المعابر الإنسانية». وهذا الموقف يعبّر عما يتوقعه من استعادة للقيم الأخلاقية في السياسة الأميركية في عهد الرئيس بايدن، كما يرى المتفائلون أن مؤتمر روما هو بداية توضيح الموقف الأميركي من المسألة السورية، بعد تمهّل دام ستة أشهر منذ بدء ولاية بايدن، وما سرى من تشكيك في عدم اهتمام إدارته بالملف السوري. ويمثل مؤتمر روما بداية صعود هذا الملف إلى قائمة الأولويات، لاسيما أن متابعة غير معلنة بدأت حسب ما تشير تسريبات غير رسمية.
ويرى المراقبون أن أهمية مؤتمر روما تأتي من كونه أول لقاء دولي يبحث القضية السورية بعد سنوات من الإهمال، ومن إخلاء الساحة الدولية لأطراف أخرى نقلت مسار التفاوض من جنيف إلى آستانا وسوتشي، ولم تكن لقاءات اللجنة الدستورية في جنيف أكثر من إضاعة الوقت ريثما تنتهي الانتخابات الرئاسية في سوريا، والتي ستكن بدورها من متابعة الحسم العسكري في بعض المناطق المتبقية خارج سيطرة الحكومة. وبانتهاء الحسم العسكري سيتم طي قرارات الأمم المتحدة، ولن يكون لعمل اللجنة الدستورية أي أثر، وسيبقى النازحون في مخيماتهم، والمهجرون في غربتهم .
وأما المتشائمون من نتائج مؤتمر روما فيرون أن المؤتمر لم يقدم جديداً فاعلاً نحو الحل السياسي، حيث اكتفى بالإشارة المعتادة إلى القرار الدولي 2254، وإلى ضرورة وقف إطلاق النار، حيث تتصاعد العمليات العسكرية في الشمال السوري، كما دعا إلى خروج القوات الأجنبية.. وهذه الصيغ باتت شائعة في البيانات والتصريحات دون أثر عملي على الأرض. ويرى هؤلاء أن المؤتمر إنساني فقط في قضية المعابر، وهؤلاء يستغربون ربط قضية المساعدات بالأمم المتحدة وانتظار الموافقة الروسية.. إذ ما الذي يمنع الولايات المتحدة وأوروبا وسواهما من دول الكبار من إدخال المساعدات؟ إن استمرار دخول الشاحنات الدولية التي تحمل الغذاء ودواء عبر باب الهوى واليعربية وربيعة وسواها، لا يمكن أن يكون سبباً في حرب عالمية.
كما يرى المتشائمون أن دعوة بلكين إلى التصالح والبناء تحتاج إلى توضيح، حيث لا يمكن أن تبدأ اية مصالحة قبل أن يتغير المشهد الراهن كلياً، وأما المراهنة على تحسين السلوك، فقد خسرت فيها روسيا، حيث لم تستطع أن تنفذ وعودها بإعادة المهجرين ضمن شروط آمنة، وكان الإخفاق في حوران،  أوصل سوريا إلى ذروة معاناة مأساوية غير مسبوقة، لن ينهيها إلا تمتين الموقف الأخلاقي الدولي الذي ينبغي أن يسمو فوق المصالح والرغبات الصغيرة.