تتمتع التطعيمات المتاحة حالياً ضد «كوفيد-19» بفعالية مرتفعة جداً، حيث أظهرت الأبحاث السريرية نسبة فعالية تزيد عن 80 في المئة، وعن 90 في المئة في بعض الأنواع.

وهو ما يعني أنه ليس جميع مَن تطعموا سيكونون آمنين تماماً في جميع الأوقات. هذا الوضع ليس حصرياً على التطعيمات ضد «كوفيد-19»، بل على جميع التطعيمات التي طورها ويستخدمها الطب الحديث منذ عقود. حيث لا يوجد حتى الآن تطعيم فعال بنسبة 100 في المئة في كل الأوقات، ضد أي من الأمراض التي تتوفر لها تطعيمات. وإن كان هذا لا يعني أن التطعيمات المتاحة لا تؤدي وظيفتها، أو أن بها عيب أو قصور ما، وما تعنيه هذه الحقائق ببساطة أنه ليس جميع مَن تَطعموا سيتمتعون بوقاية كاملة.

ولذا ليس من الغريب أو المستبعد أن تُصاب نسبة ممن تطعموا بالعدوى، بعد تلقيهم التطعيم، وهي الحالة التي تعرف بالعدوى النافذة (Breakthrough Infection)، كون الفيروس تمكن من النفاذ واختراق المناعة التي وفرها التطعيم. وإن كان هذا النوع من العدوى يختلف عن العدوى الاعتيادية التي يصاب بها من لم يتطعموا في أمور أساسية، أهمها أن شدة أعراض المرض وحدة مضاعفاته غالباً ما تكون أقل بكثير.

وهو ما يعني أن التطعيمات تحقق فائدتين رئيسيتين مترافقتين أو متتابعتين، أولاً: الوقاية من حدوث العدوى أساساً، وثانياً: تخفيف شدة المرض وخفض احتمالات التعرض لمضاعفات خطيرة قد تؤدي للوفاة إذا ما أصيب الشخص بالعدوى. وليس من المؤكد حالياً النسبة الفعلية لوقوع العدوى النافذة بين المطعمين، وإن كان المعروف أنها ليست كبيرة، كما هو متوقع.

ومن المعروف أيضاً أن معدلات الإصابة بالعدوى النافذة، تتباين بين فئات المجتمع. حيث ترتفع هذه المعدلات بين الأشخاص الذي يعانون من جهاز مناعة ضعيف وهش، لسبب أو لآخر، كما ترتفع هذه المعدلات مع التقدم في العمر، وخصوصاً بين كبار السن، ولنفس السبب.

ويشكل تراجع التزام المطعمين بالإجراءات الاحترازية الأخرى، مثل لبس كمامة الوجه والتباعد الاجتماعي، دوراً في ارتفاع معدلات الإصابة بين أفراد هذه الفئة. وإن كان في أي حال من الأحوال، لا يجب أن يثنى احتمال التعرض لعدوى نافذة، أي شخص عن تلقي التطعيم، حيث إن هذه التطعيمات تحقق أولاً خفضاً مهولاً في احتمال الإصابة، بنسبة 80 أو 90 في المئة، وأحياناً أكثر، كما أنها تحقق خفضاً مماثلاً على صعيد خطر تطور المرض والتعرض لمضاعفات خطيرة قد تؤدي للوفاة.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية