لا تُنافس الإمارات إلا نفسها، ولا يشغل قيادتها إلا بلوغ القمة وتحقيق مصالح شعبها ورفاهيته، وتأمين مستقبل أفضل للأجيال المقبلة، وكذلك توفير الراحة والأمان للمقيمين فيها. وفي هذه الأثناء، تجتمع قيادة على قلب رجل واحد من خلال إعلانها وثيقة «المبادئ العشرة» باكورة أعمالها ضمن «مشاريع الخمسين» لتكون الوثيقة بمثابة مسار استراتيجي للإمارات في سنواتها المقبلة، ولتكون مرجعاً للمؤسسات الحكومية بما يفيد في تعزيز دولة الاتحاد، وبناء اقتصاد مستدام، وتسخير جميع الموارد لمجتمع أكثر ازدهاراً، وتطوير العلاقات الإقليمية والدولية، ودعم أسس السلام والاستقرار. 

جاءت الحزمة الأولى من المشاريع الاستراتيجية بعد تشاور وجلسات عصف ذهني تؤكد أهمية الدور الذي يؤديه الاقتصاد، باعتباره أساسياً في عملية التنمية، إلى جانب توجه السياسة بما يخدم أهداف الإمارات لما يحقق خير الإنسانية. ووضعت قائمة المشاريع بناءً على مبادرات مؤطرة برؤية مستقبلية تهدف إلى تحقيق المزيد من الرفاه والازدهار، كما رسمت خريطة استثمارية للأعوام الخمسين القادمة، من خلال تقديم هوية اقتصادية واستثمارية موحدة تتكامل مع هوية الإمارات الإعلامية. 
ضمت قائمة المشاريع «قمة الإمارات للاستثمار» التي ستعقد في الربع الأول من عام 2022 لاستقطاب 550 مليار درهم من الاستثمار الأجنبي خلال الأعوام التسعة المقبلة، ولا شك أنها ستكون فرصة لإطلاق تحالفات ومشاريع اقتصادية وبناء شراكات مستدامة بين الحكومات والمستثمرين العالميين وشركات القطاع الخاص. 
في المقابل، سيتم إطلاق «شبكة الثورة الصناعية الرابعة» لتنمية وبناء 500 شركة وطنية مزودة للتكنولوجيا المتقدمة من أجل استخدامات ناجحة لتكنولوجيا الجيل الرابع من الصناعة، ونقل التجارب الناجحة وأفضل الممارسات، بما يدعم الصناعات المحلية ويطور الكفاءات العاملة فيها. 
وللانتقال بالمسيرة التنموية في الإمارات إلى فضاء أرحب، أطلقت الحكومة حملة «الإمارات العالمية المتحدة» للتعريف بالجانب الاقتصادي والاستثماري فيها، وإبراز الجانب العالمي لها، وقدرتها على مواكبة التغيرات الاقتصادية، والحفاظ على موقعها كأحد أنشط المراكز الاستثمارية حول العالم. 
ليس هذا فقط، فالحملة تسعى لتسليط الضوء على الإمكانات والامتيازات ذات المعايير العالمية، والحوافز والتسهيلات الإجرائية والقانونية واللوجستية التي تقدمها الإمارات للمستثمرين ورواد الأعمال والمواهب من مختلف الجنسيات بغية استقطابهم للاستثمار في العديد من القطاعات النوعية، وفي مجالات ذات قيمة مضافة، إلى جانب تجربة أسلوب الحياة والعيش في الإمارات ضمن بيئة اقتصادية واجتماعية وإنسانية وثقافية متميزة، بما ينطوي على فرص كثيرة لصنع حياة أفضل لملايين الناس دون تمييز. 
وثيقة المبادئ واضحة في مضمونها وجوهرها، وهي أيضاً تحدد المسار الاستراتيجي للدولة بدورتها التنموية القادمة، وتعزز مكانتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فهي بالفعل القديم المتجدد، وتعبر بكل دقة عن ثوابت الإمارات، كما أنها تنعش الذاكرة، ذاكرتنا نحن، وذاكرة الأشقاء والأصدقاء وحتى الخصوم بمنظومة القيم التي أوصلت الإمارات إلى ما هي عليه اليوم. فما تم إنجازه في العقود الماضية وضعها في مكانة عالية بين الدول، ورسخ في الأذهان صورتها التي تحتضن الجميع بكل ود وترحاب بما فيها من تسامح ومحبة وتعاون، وهو ما يجعل لها هوية تقوم على قيم أصيلة تضافرت مع قيم تنحو دوماً نحو التقدم والازدهار. 
ونحن على عتبة الخمسين القادمة، لا بد أن نتوقف ولو قليلاً عند إشارة مهمة، وهي أن الإمارات ومنذ إعلان دولة الاتحاد بدأت مسيرة البناء ولا تزال حتى اللحظة مستمرة في التطوير، وتتطلع لتحقيق المزيد من النجاحات على مختلف الصعد وفي كل القطاعات، وصون الإنجازات أيضاً. العمل الدؤوب والطموح أساس النهضة، وتلك هي العبرة التي علينا كلنا أن نعتبر منها.