شاركت الهند في مناورات مالابار البحرية منذ سنوات، ومن الواضح أن هذه المناورات أصبحت شديدة الأهمية الاستراتيجية، مع الأخذ في الاعتبار الأهمية المتزايدة لتعزيز العلاقات البحرية. وأجرت أستراليا واليابان والهند والولايات المتحدة نسخة هذا العام من مناورات مالابار قبالة سواحل غوام في نهاية الشهر الماضي. وهذه هي السنة الثانية التي تشارك فيها أستراليا في المناورات، وهذا يعزز قوة التجمع الذي تتسع دوماً الأرضية المشتركة بين أطرافه. وفي بداية الأمر، ترددت الهند في الانضمام لهذا التجمع، لكن من الواضح أنها تدرك الآن منافعه الكثيرة، وهذا تجلى في موافقتها على توسيع نطاق مالابار لتضم أستراليا أيضاً. وظلت الهند لسنوات مترددة في دعوة أستراليا للمشاركة في هذه المناورات، وهذا جعل نيودلهي تتردد قليلاً في توسيع نطاق المناورات. لكن هذا التردد تلاشى الآن مع توطيد الهند علاقاتها مع الولايات المتحدة في غمرة تلاقي أكبر للمصالح. وهذا انعكس بوضوح في قرار دعوة أستراليا. وتضمنت مناورات مالابار هذا العام عمليات سريعة بين مدمرات وفرقاطات وغواصات وطائرات هليكوبتر وطائرات حرس بحري طويلة المدى من القوات البحرية للدول المشاركة. ونفذت أيضاً عمليات معقدة من سطح البحر ومن تحت السطح وفي الجو، تضمنت مناورات لإطلاق الذخيرة الحية ومناورة للدفاعات ضد الهجمات فوق سطح الماء وتحت الماء وفي الجو. وأجرت العمليات في إطار المناورات المشتركة والتكتيكية. وهذه المناورات تنطوي على مكاسب متزايدة من العمليات المشتركة للاستفادة من أفضل الممارسات وتطوير فهم مشترك لإجراءات العمليات البحرية الأمنية. وذكرت تقارير إعلامية أن البحرية الأميركية أرسلت ثلاث سفن حربية على متنها مدمرات وطائرات (بي_8) للاستطلاع البحري وعتاد مضاد للغواصات وطائرات هليكوبتر. والبحرية اليابانية أرسلت ثلاث مقاتلات بحرية وغواصة لزرع الإلغام وطائرة استطلاع بحري وطائرات هليكوبتر وقوات خاصة. وانضمت البحرية الأسترالية بسفينة وطائرة هليكوبتر وقوات خاصة. وفي المرحلة الأولى، شاركت البحريات الأربع في عمليات ببحر الفلبين لشحذ مهاراتها في عمليات مشتركة بالذخيرة الحية. والمرحلة التالية تضمنت تجديدات في البحر وعمليات طيران مشتركة بين القوات وعمليات اعتراض بحرية. وذكر مسؤولون من القوات البحرية الأربع أن المناورات تتيج فرصة للقوات البحرية المشاركة للاستفادة المتبادلة من الخبرات المتنوعة لدى كل طرف. وأشاروا إلى أن القيام بالمناورة أثناء جائحة كوفيد-19 العالمية تمثل شهادة للتضافر بين البحريات المشاركة ورؤاهم المشتركة التي تريد أن تصبح منطقة الهندي والهادئ حرة ومفتوحة وتحتوي الجميع. وبدأت مناورات مالابار أولاً كمناورات ثنائية بين الولايات المتحدة والهند، لكنها توسعت لتضم دائما اليابان عام 2015. وهذه المناورات تدور في مياه المحيط الهندي وأحيانا قبالة سواحل اليابان. لكنها توسعت الآن لتشمل أجزاء أخرى من العالم. ودارت المناورات أيضاً في وقت سابق في مناطق أميركية مع تعاظم التركيز على أهمية التعاون في منطقة الهندي والهادئ. ومنطقة الهندي والهادئ تمتد عبر المحيط الهندي لتصل إلى سواحل أفريقيا وتشمل بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ. وفي كلمة في وقت سابق، في إطار اجتماعات «حوار شانجري لا»-الأمني الذي يضم 28 دولة- في سنغافورة، وصف رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي منطقة الهندي والهادئ بأنها «منطقة طبيعية». ومضى «مودي» يصف مدى سعي القوات الهندية المسلحة، وخاصة القوات البحرية، نحو بناء وتوسيع الشراكات في هذه المنطقة. ويتعين أيضا النظر إلى مناورات مالابار في سياق أوسع لأن المجموعة نفسها من الدول تمثل «منتدى أمنياً رباعيا»، أو تجمعاً أمنياً غير رسمي. ولأول مرة هذا العام، عقد التجمع اجتماعاً بين زعماء الدول لمناقشة عدد من المجالات. وقررت الدول الأربع في الاجتماع التعاون في إنتاج مليار جرعة لقاح لدول جنوب شرق آسيا ودول أخرى. وهذا لا يعزز قدرات الهند التصنيعية فحسب، لكنه ألقى الضوء أيضاً على زيادة التلاقي في المصالح بين دول التجمع الأربع وعن مدى سعيهم لتوثيق التعاون. وظهرت فكرة الرباعية عام 2007، لكنها تتقدم كثيراً، و في السنوات القليلة الماضية، تحركت الولايات المتحدة نحو انعاش التجمع واكتسب التجمع الآن أبعادا أكبر. والواقع أن الدول الأربع وسعت حوارها وتعاونها ليمتد من اللقاحات إلى المشاركة في عدد يتزايد دوماً من الحوارات السياسية والاستشارات الأمنية. ومناورات مالابار ليست إلا امتداداً للتعاون الذي يتعزز بين هذه الدول. *رئيس مركز الدراسات الإسلامية في نيودلهي