يصادف اليوم الخميس الثالث والعشرين من سبتمبر مرور 91 سنة على تأسيس المملكة العربية السعودية على يد المغفور له الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، والذي أرسى قواعد الحكم ومنهج العدل ودعائم الأمن والاستقرار على أرض الجزيرة العربية ليوحد بذلك شتات دولته الثالثة ويستعيد أمجاد آبائه وأجداده الذي امتد منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى عام 1157هـ/1744م على يد الإمام محمد بن سعود، ثم الدولة السعودية الثانية التي تأسست عام 1240هـ/1824م على يد الإمام تركي بن عبد الله، ثم الدولة السعودية الثالثة وهي «المملكة العربية السعودية» التي رسّخ قواعدها المؤسس الملك عبدالعزيز عام 1319هـ/1902م كواحد من أعظم رجال القرن العشرين حين أقام وطناً عظيماً وعمره 26عاماً وأعلن توحيده بعد نضال 32 عاماً، ‏وحكم دولته (المملكة العربية السعودية) 54عاماً، وأتى من بعده أبناؤه الملوك: الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد، والملك عبدالله، رحمهم الله جميعاً، ثم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله ورعاه.

وتتخذ المملكة العربية السعودية في ذكرى تأسيسها الحادي والتسعين هويةً رائعة جمعت بين العراقة والتجديد تحت عبارة أطلقها رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه معالي المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ (هي لنا دار)، وتحمل هذه العبارة المختصرة جداً لمشاعر كل سعودي معنى جميلا يرمي إلى أن المملكة دار لكل من تحتضنه وينعم بدفئها وأمنها، دار للماضي الجميل بعراقته ومعاركه وبطولاته وفتوحاته، ودار الحاضر الزاهر بتحولاته ومتغيراته واستقراره ورفاهه، ودار المستقبل المشرق الذي تتراءى طلائعه منذ انطلاق رؤية المملكة 2030 وبرامجها المتعددة برعاية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رعاه الله.

مسيرة طويلة من البناء والتنمية بدأتها المملكة العربية السعودية بعد أن تدفق النفط تحت رمال صحرائها في عهد المؤسس طيب الله ثراه ووصلت بفضل الله إلى ما يتمتع به السعوديون اليوم من نماء وازدهار ونهضة شملت جميع مناحي الحياة وتوّجت برؤية المملكة 2030 التي ركزت على بناء الفرد وتنمية القدرات البشرية على أعلى المستويات العلمية والأكاديمية، ورسخت مبادئ وقيم السعودية وهويتها المستمدة من أرضها وتراثها وتقاليد شعبها الأبي، كما ركّزت رؤية المملكة على جودة الحياة للمجتمع السعودي وتقديم كافة التسهيلات لحياة مستقرة على أرض المملكة للمواطن والمقيم والزائر وتذليل كل سبل الرفاه والخدمات ضمن منظومات خدمية تعليمية وصحية واجتماعية تحقق الحياة الكريمة لكل مَن يعيش فوق أرضها.

دولة قامت على الإصرار وعلى تحدي كل ما يواجهها من عقبات وصعوبات، دولة عبدالعزيز المؤسس الذي خرج بكتيبة مسلحة في يونيو عام 1900 متجهاً إلى اليمامة -الرياض حالياً- لفتحها واستعادة الحكم، أطبق بها على الرياض وأسوارها لكنه انسحب ليعاود الكرة بعد أقل من عام.

وفي الثاني من يناير عام 1901 خرج الملك عبدالعزيز من الكويت بمعية ثلاثة وستون رجلا وأسلحة تقليدية أغاروا بها على كل من وقع تحت حكم الحامية التركية آنذاك، ليقع بين ناريّ مواجهة الجيوش العثمانية والاستجابة لرسالة والده الإمام عبدالرحمن التي تطلب منه العودة برجاله إلى الكويت، فيخير عبدالعزيز مقاتليه بين العودة والبقاء ليبقوا جميعاً، ويرسل عبدالعزيز رسالته الشهيرة: «موعدنا إن شاء الله في الرياض»، ليتم بعدها بثلاثة عشر يوماً اقتحام أسوار الرياض واستعادة حكم الدولة السعودية بالنداء الشهير على أعلى أسوارها: «الحكم لله ثم لعبد العزيز».

ملحمة تاريخية عظيمة تأسست على إثرها دولة عظيمة، وما تزال تحت قيادة عظيمة تستمد قوتها وتستلهم نجاحاتها من سيرة ذلك البطل الذي وحّد أركانها وجمع شتاتها تحت كيان المملكة العربية السعودية التي تضم شعباً عظيماً ووفياً أسماه حفيد المؤسس (معزي)، وشبيهه صورةً وإقداماً، القائد الفذ الأمير محمد بن سلمان بـ« شعب طويق»!

*كاتبة سعودية