تختلف المضادات الحيوية عن مضادات الفيروسات في أن الأولى تستهدف البكتيريا ولا تجدي نفعاً مع الفيروسات. وعلى العكس نجد أن مضادات الفيروسات تستهدف الفيروسات، ولا تجدي نفعاً مع البكتيريا. وفي الوقت الذي توجد فيه المئات من أنواع المضادات الحيوية، نجد أن مضادات الفيروسات الفاعلة تعد على أصابع اليد الواحدة، وتستخدم بشكل أساسي في علاج مرض نقص المناعة المكتسبة أو الإيدز، والتهاب الكبد من نوع (سي). وربما كان من أشهر مضادات الفيروسات، عقار «تامي فلو»، المستخدم على نطاق واسع لتقصير فترة المعاناة من أعراض وعلامات الإصابة بالإنفلونزا، وخفض خطر تدهور حالة المريض إلى درجة تتطلب حجزه في مستشفى، كما انتشر استخدام هذا العقار على نطاق واسع مع ظهور وباء إنفلونزا الخنازير في عام 2009.
ومنذ ظهور وباء كوفيد-19 نهاية 2019، بذلت الجهود العلمية في اتجاهين، الأول اختص بتطوير لقاحات ضد الفيروس، ونتج عنها اختراقات مذهلة، تجسدت في كوكبة التطعيمات المتوفرة حالياً، والتي تعتمد على أسس تقنية حيوية مختلفة، وإنْ كانت جميعها تتميز بمعدلات كفاءة متقاربة في الوقاية من الإصابة بالمرض، وتجنب مضاعفاته الخطيرة.

الاتجاه الآخر في الدراسات والأبحاث العلمية خلال العامين الماضيين، تركز حول تطوير مضادات للفيروس، تحقق فوائد مشابهة لما تحققه التطعيمات. وعلى ما يبدو، وحسب ما أعلنه مؤخراً عملاق صناعة الأدوية «ميرك»، تكللت هذه الجهود بنجاح، في شكل عقار مضاد لكوفيدـ 19 (molnupiravir)، يتناول من خلال الفم. حيث أظهرت نتائج الدراسات السريرية قدرته على خفض احتمالات تدهور حالة المصابين لدرجة تتطلب حجزهم في المستشفيات، وبمقدار النصف، أو الوفاة لاحقاً، بشرط أن يتم العلاج في المراحل المبكرة من العدوى.

وبناء على هذه النتائج الإيجابية، طالب الخبراء المراقبون للدراسات التي استخدم فيها العقار، بوقف هذه الدراسات مبكراً، وحث الشركة للتقديم على تصريح للاستخدام الطارئ لهيئة الأغذية والعقاقير الأميركية، وهو ما تنوي الشركة فعله في غضون الأسبوعين القادمين. وعلى المنوال نفسه، تسعى كبار شركات الأدوية والعقاقير الأخرى، مثل «فيزر» الأميركية و«روش» السويسرية إلى إنتاج عقاقير مماثلة، ويوجد بالفعل لدى هذه الشركات مرشحون، وصلوا إلى المراحل النهائية من التجارب السريرية.
وإذا ما حصلت «ميرك» على موافقة هيئة الأغذية والعقاقير، فتعتزم الشركة إنتاج 10 ملايين جرعة قبل نهاية عام 2021، حيث وقعت بالفعل عقداً مع الحكومة الأميركية بقيمة 1.2 مليار دولار، بشرط الحصول على التصريح بالاستخدام الطارئ، كما تعتزم الشركة عقد شراكات مع مصنعي الأدوية حول العالم، لإنتاج مئات الملايين من الجرعات خلال العام القادم.
كاتب متخصص في الشؤون العلمية