نشرت منظمة الصحة العالمية بدايةَ الشهر الجاري، قائمتين نموذجيتين محدّثتين من الأدوية الأساسية، للبالغين وللأطفال، احتوت على أنواع جديدة من الأدوية والعقاقير المستخدمة لعلاج الأمراض السرطانية، ونظائر هرمون الأنسولين، وعقاقير جديدة لعلاج داء السكري عن طريق الفم، وأخرى لمساعدة مَن يرغبون في الإقلاع عن التدخين، بالإضافة إلى أنواع جديدة من المضادات الحيوية المستخدَمة لعلاج حالات العدوى الخطيرة بالبكتيريا والفطريات.
وكما يدل اسمها، يشير مصطلح الأدوية الأساسية (Essential Medicines) إلى الأدوية الضرورية التي تلبي احتياجات الرعاية الصحية لغالبية السكان في مجتمع ما، ويفترض توفرها في جميع الأوقات، بكميات كافية، وبجرعات مناسبة، وبسعر يجعلها في متناول الغالبية. وتضطلع منظمة الصحة العالمية كل بضعة أعوام، بتحديث قائمة الأدوية والعقاقير الأساسية، وأحياناً الفحوصات التشخيصية الضرورية كذلك. وتأتي أهمية هذه القوائم من كونها تمكّن السلطات الصحية، وخصوصاً في الدول النامية، من ترتيب أولوياتها بشكل صحيح، ومن توجيه مصادرها المالية - المحدودة في الغالب- نحو الاتجاه السليم، الأكثر فعالية والأقل تكلفة.
وبناء على تلك القوائم، تقوم كل دولة على حدة، بإصدار قائمة بالأدوية الأساسية خاصة بها، تتوافق مع الأولويات والاحتياجات الصحية المحلية. وتقوم أكثر من 150 دولة حول العالم بنشر قوائم رسمية محلية من الأدوية الأساسية، مكونةً من قائمتين، الأولى تعرف بالقائمة الأولية، والثانية تعرف بالقائمة التكميلية.
ويأتي تركيز المنظمة في التحديث الأخير، على أدوية السكري، نتيجة الزيادة المطردة التي يشهدها هذا المرض حول العالم، وخصوصاً في الدول متوسطة الدخل والفقيرة. وللأسف، يقع الكثير من مرضى السكري الذين يحتاجون الأنسولين للتحكم في مرضهم، تحت ضغوط اقتصادية وضوائق مالية، بسبب ارتفاع سعر هذا العقار الحيوي والأساسي، ويفقد جزء منهم حياته نتيجةَ عجزهم توفير احتياجاتهم من الأنسولين. ولذا كان من المهم والضروري، إدراج نظائر الأنسولين ضمن القائمة الأخيرة للأدوية والعقاقير الأساسية والضرورية، بالتزامن مع بذل الجهود الرامية لتوفره بأسعار في متناول شريحة أكبر من المرضى، بالإضافة إلى التوسع في استخدام المشابهات البيولوجية.
وحظيت أيضاً الأمراض السرطانية باهتمام خاص في التحديث الأخير، كونها تحتل مرتبة متقدمة على قائمة أسباب الوفيات بين أفراد الجنس البشري، حيث تتسبب الأمراض السرطانية في حوالي 10 ملايين وفاة سنوياً، سبعة ملايين منهم في الدول متوسطة الدخل والفقيرة. وإن كانت السنوات الأخيرة قد شهدت اختراقات هامة في علاج الأمراض السرطانية، مثل الأدوية والعقاقير التي تستهدف الصفات الجزيئية للسرطان، وينجح بعضها في تحقيق نسب شفاء للكثير من أنواع السرطان، تتخطى ما يمكن تحقيقه باستخدام العلاج الكيماوي التقليدي.

كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية