بمناسبة اليوم العالمي لغسل اليدين، والذي يحل كل عام في الخامس عشر من شهر أكتوبر، صدر تقرير عن منظمة اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية، حمل عنوان «نظافة اليدين حول العالم في 2021» (2021 State of the World's Hand Hygiene report)، وخلص إلى أن تكلفة نشر الوعي، وتمويل غسل اليدين بالصابون، تعادل 2.5% فقط من ميزانية الرعاية الصحية في 46 من أفقر دول العالم، وفي نفس الوقت سينتج عنه مردود على صعيد الصحة العامة يفوق بعدة مرات حجم المردود الصحي لإجراءات وتدابير أخرى.
ويقدر التقرير أنه من الممكن بحلول عام 2030 أن يحصل الجميع في الدول الأكثر فقراً، على متطلبات غسل اليدين، من ماء وصابون وصرف صحي وخلافه، بتكلفة لا تزيد عن دولار واحد سنوياً للفرد. وهو ما من شأنه أن يشكل خط دفاع أول في توفير الحماية ضد العديد من الأمراض المعدية، وأن يمنع ظهور وانتشار الأوبئة، مما سينتج عنه إنقاذ حياة مئات الآلاف سنوياً، ممن يلقون حتفهم من أمراض معدية انتقلت إليهم بسبب عدم الاهتمام بنظافة اليدين. فعلى سبيل المثال، يمكن لهذا الإجراء الشخصي البسيط الوقاية من الإصابة بأمراض الإسهال، والتي تصيب سنوياً حوالي ملياري شخص، أو ما يعادل ثلث أفراد الجنس البشري، وتحتل المرتبة الثالثة على قائمة أسباب الوفيات في الدول الفقيرة، متسببةً في 7 في المئة من جميع الوفيات التي وقعت بين شعوب هذه الدول. وإذا ما خصصنا الأطفال بالحديث، فسنجد أن أمراض الإسهال تحتل المرتبة الثانية بين أسباب الوفيات في هذه الطائفة العمرية، حيث تتسبب هذه المجموعة من الأمراض وحدها في وفاة 1.5 مليون طفل سنوياً.
وللأسف، الواقع الحالي المزري هو أن 3 من كل 10 من أفراد الجنس البشري، أي نحو 2.3 مليار إنسان، لا تتوفر لهم في منازلهم متطلبات غسل اليدين من ماء وصابون، من بينهم 818 مليون طفل لا تتوفر لهم أيضاً في مدارسهم تلك المتطلبات الأساسية. وتبلغ المأساة ذروتها في حقيقة أن واحدة من بين كل ثلاث منشآت صحية في الدول الفقيرة، لا تتوفر بها متطلبات غسل اليدين للعاملين بها، مما يعرض هؤلاء لخطر الإصابة بالأمراض المعدية. بل يقدَّر أن ملياري إنسان، يعتمدون في احتياجاتهم الصحية على منشآت لا تتوفر بها حتى شبكة أساسية لتوصيل وتوزيع المياه. هذه الحقائق جميعها، تظهر مدى أهمية الاستثمار في توفير متطلبات غسل اليدين، كإجراء بسيط وزهيد يمكنه إنقاذ حياة مئات الآلاف سنوياً.


كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية