لا يزال ملف التغير المناخي وحماية الأرض محط اهتمام الإمارات التي شاركت في قمة المناخ العالمية (COP26) في جلاسكو باسكتلندا. وهذا الاهتمام الإماراتي لا ينفصل عن الواقع، ففي إطار توجهات الحكومة بتعزيز الحلول المستقبلية لتحديات المناخ العالمية؛ أعلنت وزارة الطاقة والبنية التحتية عن خطة وطنية شاملة هدفها المشاركة في تحقيق الحياد المناخي وتعزيز مكانة الإمارات كمصدر للهيدروجين، بحيث يكون دورها محورياً في التواصل مع قادة العالم والوفود المشاركة في القمة بشأن التعامل مع تداعيات قضية التغير المناخي والحد من تبعاته وآثاره التي تهدد مستقبل الأرض والبشر.

في باريس عام 2015 اتفق قادة مجموعة العشرين على ضرورة إجراء خطوات ملموسة خلال 10 سنوات للحد من الآثار المدمرة للبيئة بسبب خطورة آثار التخريب المستمر للبيئة والأرض، والذي يؤثر حتماً على استقرار البشر ووجودهم ربما. إن الأزمة البيئية-الأخلاقية التي يعيشها العالم منذ عقود تزداد سوءاً وتعقيداً، ومصائر الكثير من المناطق والناس مرتبطة تماماً بما ستتخذه الدول الكبرى من إجراءات، وهي المؤثرة على القرار الدولي والقادرة على الالتزام بالاتفاقيات والقوانين التي من شأنها أن تزيل بعض الخطر على الأقل حتى نهاية العقد الحالي، سواء عن طريق خفض انبعاثات غاز الميثان بما لا يقل عن 30%، وهو ما التزمت به أكثر من 100 دولة.

صحيح أن هذا الاتفاق هو خطوة نحو الاتجاه الصحيح، لكنها ليست كاملة طالما أنها لم تتحقق على أرض الواقع. العالم تحرك أكثر مع إطلاق قمة (COP26)، والتظاهرات عمت الكثير من المدن في مختلف أنحاء العالم، والتحذير الشعبي لم يتوقف حتى اليوم لأن الشعوب تدرك خطورة الواقع مثلما تدرك أيضاً ما سيحمله المستقبل لها من مآسٍ في حال لم تلتزم الدول بما يصدر من قوانين وقرارات على صعيد حماية الأرض وإيقاف جميع الأنشطة التي من شأنها أن تكون مدمرة. كلنا يعلم أن تدمير البيئة تدمير للأرض برمتها، ويكبد الدول والحكومات والأفراد خسائر فادحة على مستوى الاقتصاد والتنوع البيئي إلى جانبهما خسائر بشرية.

فمع كل كارثة بيئية كبيرة تكشف التقارير عن الكثير من الحقائق والأرقام المرتبطة بالأضرار التي لحقت وتلحق بالطبيعة والكائنات الحية والزراعة والصناعة، علاوة عن الدمار الذي يضرب البنية التحتية. إن التحركات الشبابية الغاضبة التي شهدها العالم قبل أسابيع من عقد قمة جلاسكو تزيد على 1500 موقع حول العالم وفقاً لحركة Fridays For Future (@Fridays4future) ما تزال مستمرة بالتزامن معها، حيث تظاهر مئات الآلاف للمطالبة بإجراء سريع لوقف التغير المناخي المدمر، وذلك في أكبر احتجاج للحركة منذ بدء جائحة كورونا.

ولا شك أن هذه التظاهرات تشكل عنصر ضغط على قادة مجموعة العشرين، والأعمال بخواتيهما كما قيل. مؤتمر المناخ ما تزال فاعلياته متواصلة حتى يوم 12 من الشهر الجاري، والآمال معقودة عليه لوضع آليات عملية في جدول أعماله لإلزام الدول بتعهداتها من أجل الوصول إلى مستوى انبعاثات (صفري) بحلول منتصف هذا القرن، مع تخفيض انبعاث الكربون بحلول 2030 والذي لا يزال أقل من الطموح.

استراتيجيات شاملة وطويلة المدى يتطلبها الحد من التغير المناخي. وكما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى (إنقاذ البشرية) فإنه يشدد على أنه ( آن الأوان للقول كفى... كفى لانتهاك التنوع البيولوجي. كفى لقتل أنفسنا بالكربون. كفى للتعامل مع الطبيعة كمكب قمامة. كفى للحرق والحفر والاستخراج على أعماق أكبر. إننا نحفر قبورنا بأنفسنا.. اختاروا إنقاذ مستقبلنا وإنقاذ البشرية).