«دبي للطيران».. وقوة الإمارات الشاملة
يوسف الحداد
ينطوي تنظيم معرض دبي للطيران خلال الفترة من 14 إلى 18 نوفمبر الحالي على العديد من المردودات الإيجابية، التي تعزز من القوة الشاملة لدولة الإمارات العربية المتحدة، في أبعادها السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والبشرية، حيث يندرج المعرض ضمن المعارض ذات القيمة الاقتصادية الكبيرة، وذلك من خلال العائدات الناجحة عن الخدمات التي تقدم على هامشه، والتي تنشط الحركة السياحية والتجارية، كما إن وجود هذا الكم الهائل من الشركات العالمية المشاركة في فعاليات المعرض المختلفة (أكثر من 1200 شركة)، يتوج بالعديد من الصفقات الكبيرة التي لها مردودها الكبير على الصناعات الدفاعية والصناعات المدنية المرتبطة بها في دولة الإمارات.

ومن الناحية السياسية والاستراتيجية يعبر الحضور الدولي الواسع في معرض دبي للطيران (148 دولة) بوضوح عن تزايد الثقة الدولية بدولة الإمارات وسياساتها وتوجهاتها الداعمة إلى السلام والتنمية والأمن، فمؤتمر القوات الجوية والدفاع الجوي المصاحب للمعرض يمثل نافذة دولية للحوار وتبادل الرؤى بين المسؤولين والخبراء في مجال الدفاع والطيران والأمن حول مختلف التحديات التي تواجه الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وكيفية التصدي لها.

كما يعد المعرض من الأدوات المهمة التي يمكن من خلالها تعزيز علاقات التعاون الدفاعي والأمني بين الإمارات والعديد من دول العالم، خصوصاً أن هذا المعرض يستضيف ضمن فعالياته المختلفة كبار الشخصيات وصناع القرار من جميع أنحاء العالم، كما يوفر حرص العديد من دول العالم على المشاركة في المعرض للدبلوماسية الإماراتية فرصة لتسليط الضوء على مواقف الدولة تجاه مجمل القضايا الإقليمية والدولية.

كما يجسد نجاح دولة الإمارات في تنظيم واستضافة معرض دبي للطيران في دلالاته العميقة ما تتمتع به الدولة من أمن واستقرار على المستويات كافة، فلاشك أن حرص الشركات الكبرى في مجال الصناعات الدفاعية والأمنية والتكنولوجية والفضائية على المشاركة في المعرض وعرض منتجاتها من خلالها، إنما يعزز من صورة الإمارات في الخارج باعتبارها واحة الأمن والأمان، كما أن اتفاقيات الشراكة التي تبرم على هامش المعرض بين الشركات الإماراتية وبين كبرى الشركات العالمية تعد تجسيداً واضحاً أيضاً لما تتمتع به الإمارات من أمن واستقرار، وبالشكل الذي يجعل هذه الشركات على قناعة بأن استثماراتها في مأمن تام.

ومن الناحية التكنولوجية يمثل معرض دبي للطيران فرصة ثرية لتوطين التكنولوجيا المتقدمة في مجال الصناعات العسكرية، فالشراكات التي يتم عقدها خلال فعاليات المعرض بين الشركات الإماراتية وكبريات الشركات الدولية في مجال الصناعات العسكرية والتكنولوجية توفر فرصاً لتأسيس مشروعات مشتركة تسهم في نقل المعرفة والتكنولوجيا وتوظيفها وتدريب الشباب المواطن على هذه التكنولوجيا.

كما يمثل المعرض منصة تسويقية مهمة بالنسبة للشركات الإماراتية الطامحة إلى الاستحواذ على حصة أوسع من سوق الصناعات الدفاعية العالمية، وعقد الشراكات مع كبريات الشركات العالمية المتخصصة، كما يوفر فرصة لتطوير الصناعات العسكرية العربية من خلال عقد المزيد من الشراكات الاستراتيجية مع الشركات الدفاعية الكبرى على مستوى العالم.

معرض دبي للطيران 2021 يوفر فرصة لتعزيز القوة الناعمة لدولة الإمارات وإبراز الوجه الحضاري لشعبها وما يتمتع به من قيم الكرم والتسامح والوسطية والاعتدال، وهي القيم التي تجسدت على أرض الواقع من خلال تعامل أبناء الإمارات من المتطوعين مع الوفود المشاركة وزوار المعرض، علاوة على ذلك يشكل معرض دبي للطيران من أفضل الفرص لصنع صورة عالمية لذاتها كمثال يحتذى به في مجالات التنمية الاقتصادية والتقدم التكنولوجي وتقديم المساعدات الإنسانية ودعم الشرعية الدولية، والترويج لنموذجها الاتحادي، والذي أصبح مصدر إلهام للدول التي تسعى لتحقيق التنمية المتوازنة في جميع مناطق الدولة، وإعمال قواعد الحوكمة والحكم الرشيد، والتركيز على تمكين الدولة والمواطن اقتصادياً واجتماعياً فضلاً عن كونها أصبحت بالفعل نموذجاً للتسامح والتعايش والأخوة الإنسانية على الصعيد العالمي لدورها الفاعل والمحوري في ترسيخ منظومة هذه القيم الإيجابية وإدراجها ضمن مبادئ العلاقات المستقرة بين الدول والشعوب.

* إعلامي وكاتب إماراتي