بعد مرور 171 عاماً على النسخة الأولى من إكسبو التي انطلقت من القصر البلوري في لندن، جاء الدور على الإمارات لتأخذ مكانتها من هذا الحدث الرفيع.
لا نتحدث هنا عن الفروقات السبع، بل عن فروقات النوع، في النسخة الأولى، كان المعروض منتجات الثورة الصناعية الأولى، وبالذات الآلات البخارية ومتعلقاتها، أما في إكسبو 2020 دبي، فكل منتجات الثورة الصناعية الرابعة حاضرة، وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي ومنتجاته المبهرة.
وفي هذه المرحلة يكون المعرض قد حقق الهدف الرئيس، الذي أنشئ من أجله على مستوى العالم، وهو«تعليم الجمهور، وبذل مجهود بالموارد المتاحة للإنسان لتلبية حاجيات الحضارة أو حاجيات فروع النشاط البشري للتقدم وللوصول لآفاق المستقبلية».
وهذا الهدف بالذات جزء مهم من مرحلة دخول الإمارات إلى عهد المئوية المقبل، بعد أن أعلنت الدولة عن خطتها الخمسينية بكل تفاصيلها.
قوة الحضارة، من قوة الاقتصاد، وهو ما سينطق به إكسبو 2020، ليس خلال فترة انعقاده، بل في استدامته.
فأرقام التوقعات تشير إلى أن حجم الاستثمارات المتعلقة بالبنى التحتية سيزداد بقيمة 25-32 مليار درهم، وسيحرك هذا عجلة الاقتصاد في دبي بشكل كبير، بالإضافة إلى خلق قرابة 300000 فرصة عمل جديدة». وبناء عليه سيرتفع إجمالي الدخل القومي بسبب المشاريع التطورية الناتجة عن إكسبو 2020 دبي.
أين موقع الاقتصاد في إكسبو 2020؟ وفقاً للتوقعات فإن الناتج المباشر وغير المباشر عن هذا الحدث العالمي قد يصل إلى قرابة 150 مليار درهم، ويرفع قيمة التجارة غير النفطية لإمارة دبي إلى حوالي 5 تريليونات درهم في 2021، وبالأخص في قطاع الضيافة والطيران.
بعد مرور أكثر من شهر على افتتاح هذا المهرجان الفريد من نوعه، يجدر بنا أن نلتفت إلى ما ذكره العالم الآخر المشارك في بقوة الحدث عنه.
و ها هي «نيويورك تايمز» تنشر تقريراً خاصاً عن إكسبو 2020 بعنوان: «معرض عالمي من الطراز العالمي» وأبرز ما فيه:
أنه يمثّل فرصة بالنسبة للإمارات لتقديم صورة مصمَّمة بعناية للعالم كمكان حديث ومتسامح ومليء بالفرص والتوفيق بمهارة بين الحداثة والتقاليد، وكل الأجنحة الوطنية، سواءً الكبيرة منها أو الصغيرة، تحتوي على عناصر مستدامة.
و المعرض يهدف إلى أن يكون مستدامًا، إذ يعتمد بشكل رئيس على المزارع الشمسية، وأنواع أخرى من مصادر الطاقة المتجددة، وإعادة التدوير. كما أن كل المباني التي بنتها الإمارات هي مبان حائزة على شهادة «ليد غولد» (الريادة في الطاقة والتصميم البيئي).
خلال هذا المعرض تطلق الدولة فعاليات نوعية تخدم أهدافه وعلى رأسها «قمة أقدر» العالمية، تحت شعار«المواطنة الإيجابية العالمية - تمكين فرص الاستثمار المستدام»، والتي تهتم بتطوير المجتمعات المستدامة، وتدعم مبادرات التوعية التي تخدم فئات المجتمع.
بعد هذا، لو رجعنا إلى القرن التاسع عشر، وقارنا كل المعارض التي أقيمت في مختلف دول العالم، بالقرن الحادي والعشرين، لوجدناها ذهبت أثراً بعد عين، ولم يبق شاهداً على إقامتها إلا «برج إيفل» في باريس.
أما إكسبو دبي 2020، سيصبح إرثاً مستداماً، بعد انتهاء موسم العرض، لكي تتحول إلى مدينة جديدة تحت مسمى «ديستريكت 2020».
تتحدث عنها الركبان، وتضرب إليها أكباد الطائرات، فإذا حازت كندا على المركز الأول في هذا المجال في القرن العشرين، فإنا كلنا أمل أن ينال إكسبو دبي 2020 المركز الأول للقرن الحادي والعشرين.
كاتب إماراتي