في يوم الثاني من شهر نوفمبر الجاري، جلبت الانتخابات في ولايتين أميركيتين أخباراً غير سارة للرئيس جو بايدن ولحزبه «الديمقراطي» ككل. ففي فرجينيا، وهي ولاية فاز فيها بايدن بسهولة خلال انتخابات 2020 الرئاسية، هَزم المرشحُ «الجمهوري» لمنصب حاكم الولاية غلين يانغكين «الديمقراطيَّ» تيري ماكوليف بأكثر من 65 ألف صوت. وفي ولاية نيوجرزي، وفي سباق جد محتدم ومتقارب على نحو مفاجئ، فاز الحاكم الحالي «الديمقراطي» فيل مرفي بأغلبية صغيرة ضد الجمهوري جاك سياتاريلي. هذه النتائج اعتُبرت هزيمةً كبيرة لبايدن وللديمقراطيين ككل، ويمكن أن تعني متاعبَ في الانتخابات النصفية خلال عام 2022. واستطاع يانغكين الفوز في فرجينيا بفضل تركيزه على القضايا المحلية، وخاصة قضيتي التعليم والأمن، وأيضاً بفضل تحاشي التصريحات الاستفزازية التي تشيد بدونالد ترامب ونظريات المؤامرة التي يروج لها حول «الأخبار الزائفة» وحول انتخابات عام 2020 الرئاسية «المسروقة». 
ولكن بعد ذلك، أظهرت بيانات جديدة منشورة صباح يوم الجمعة الموافق 5 نوفمبر الجاري نمواً كبيراً في الاقتصاد الأميركي، إذ بلغت سوق الأسهم مستوى قياسياً، وانخفضت أرقام البطالة إلى مستوى قياسي أيضاً. ولاحقاً، وفي مساء اليوم ذاته، مرّر مجلس النواب أخيراً مشروع قانون البنية التحتية البالغة قيمته 1.2 تريليون دولار والذي حظي بدعم 13 جمهورياً. وكان مشروع القانون قد مُرر عبر مجلس الشيوخ في وقت سابق، وبالتالي، فإنه سيصبح قانوناً الآن. ومثّل هذا نصراً كبيراً لبايدن، نصر خفّف ولطّف في الوقت الراهن من وطأة الأخبار السيئة القادمة من فرجينيا ونيوجيرزي.
وإذا استطاع بايدن الآن إقناع حزبه المنقسم بدعم مشروع قانون جديد بقيمة 1.9 تريليون دولار يدعى «إعادة البناء بشكل أفضل» ويستهدف توفير شبكة أمان اجتماعية لملايين الأميركيين العاملين والقيام باستثمارات جديدة لاحتواء تغير المناخ، فإنه سيكون في وضع جيد لدخول انتخابات 2022 مسلحاً بإنجازات تشريعية قوية، وربما في ظل تراجع وباء «كوفيد-19»، وانتعاش الاقتصاد أيضاً. غير أن هذا لن يكون مهمة يسيرةً. ذلك أن الخلافات والانقسامات داخل الحزب الديمقراطي حول حجم تشريع «إعادة البناء بشكل أفضل» ومحتواه، لم تَجد تسويةً لها بعد. وبالتالي، فإنه ما زال من الممكن ألا تصبح قانوناً أبداً، وهو ما من شأنه أن يمثّل انتكاسةً كبيرةً لبايدن، ويمكن أن تكسر الإجماع الصعب بين الديمقراطيين وتزيد من صعوبة تمرير مبادرات جديدة في عام 2022.
بيد أن الجمهوريين يواجهون مشاكلهم الداخلية الخاصة أيضاً. إذ ما زالت الأغلبية تدعم دونالد ترامب باعتباره زعيم الحزب والمرشح المفترض لانتخابات عام 2024 الرئاسية. والحال أن أحد دروس فوز غلين يانغكين في فرجينيا هو أنه إذا كان الجمهوريون يرغبون في استعادة أصوات سكان الضواحي الأساسية، والفوز بها من جديد في انتخابات 2024، فإن أي علاقات وثيقة مع ترامب قد تشكّل عائقاً كبيراً وحقيقياً أمام تلك الرغبة. والجدير بالذكر في هذا الصدد أن ترامب وأنصارَه يسعون جاهدين إلى ضمان فوز مرشحين أقوياء موالين لترامب في الانتخابات التمهيدية حتى يصبحوا مرشحي الحزب لمناصب في مجلس النواب ومجلس الشيوخ والولاية في 2024. بيد أنهم إذا استمروا في التركيز على انتخابات 2020 التي ما زالوا يعتقدون أن ترامب فاز بها، فإنهم سيفشلون على الأرجح في الظفر من جديد بدعم ناخبي الضواحي المتعلّمين والمستقلين. وبالطبع إذا أصبح الاقتصاد مرة أخرى، بحلول عام 2024، في وضع صعب وواصلت الأسعار المرتفعة والتضخم ارتفاعهما معاً، فإنهم يمكن أن يصوّتوا لترامب. أما إذا استمر الاقتصاد في النمو، وتم احتواء الوباء، وبدأ الأميركيون العاديون في استشعار مزايا تشريع بايدن الجديد، فإن إلحاق الهزيمة برئيس منتهية ولايته قد يكون مهمةً أصعبَ مما يظنون حالياً.