حين أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، المرسوم الاتحادي رقم (2) لسنة 2009 المتعلّق بتأسيس «شركة الاتحاد للقطارات»، كان ذلك تجسيدًا واضحًا لسياسة استشراف المستقبل التي انعكست لاحقًا على كلّ الرؤى والتوجّهات الخاصّة في القطاعات كافة، ذلك أن المرسوم سعى حينها إلى إنشاء شبكة سكك حديدية وطنية تعمل على تحسين حركة نقل البضائع والأفراد عبر فتح ممرّات تجارية جديدة، تربط المراكز الرئيسية للصناعة والإنتاج والمراكز السكانية بنقاط الاستيراد والتصدير في الدولة، ولتُشكّل كذلك جزءًا حيويًّا من شبكة السكك الحديدية المُزمَع إنشاؤها في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

ومنذ أيام عدّة، أعلنت «شركة الاتحاد للقطارات» إنجاز الحزمة (أ) من المرحلة الثانية من مشروع تنفيذ السكة الحديدية الوطنية الذي سيربط إمارات الدولة، كما سيربط دولة الإمارات بالمملكة العربية السعودية عبر مدينة «الغويفات» في الغرب والفجيرة في الساحل الشرقي، ليشكّل ذلك جزءًا أساسيًّا من شبكة التوريد العالمية وحركة النقل التجارية على مستوى العالم.

وقد تمّ إنجاز أعمال الحزمة (أ) وفق الجدول الزمني المحدد، على الرغم من تحديات الإغلاق والإجراءات المقيدة للحركة والتنقل، التي فرضتها جائحة كورونا عالميًّا.ومع انطلاق أوّل قطار للشحن ضمن المرحلة الأولى لشبكة السكك الحديدية الوطنية، خطت دولة الإمارات خطوة نوعية هائلة في قطاع النقل والمواصلات، تؤكّد استشراف قيادتها الرشيدة لمستقبل يوفّر للأجيال ولرواد قطاع الأعمال والتجارة سلاسة التنقّل وسرعته، والتزام مختلف الجهات والقطاعات في الدولة وتعاونها لتحقيق التوجهات الاستراتيجية الخاصة ببناء اقتصاد متنوع ومستدام يحقق الصدارة العالمية في مختلف القطاعات، من دون إغفال الاهتمام بالقوى البشرية المواطِنة، إذ تمكنت «شركة الاتحاد للقطارات» المطوّر والمشغّل لـ«شبكة السكك الحديدية» من دعم جهود الدولة الرامية إلى زيادة انخراط المواطنين في سوق العمل، وتقديم ما يلزمهم من برامج إرشادية وتوجيهية وتدريبية، تشجعهم على الالتحاق بهذا النوع من العمل، وتمكينهم من القيام بدورهم في دعم الاقتصاد الوطني.

لقد شهد قطاع النقل عالميًّا مجموعة تغيّرات استفادت منها الإمارات من خلال رؤيتها الثاقبة فتحوّلت إلى دولة قادرة على تحقيق نمو في مجال النقل المستدام، بما ينسجم مع المبدأ الثاني الوارد في وثيقة «مبادئ الخمسين»، الذي ينصّ على التركيز بشكل كامل خلال الفترة المقبلة على بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم، بحيث تكون جميع مؤسسات الدولة مسؤولة عن بناء أفضل بيئة اقتصادية عالمية، وعن الحفاظ على المكتسبات التي تحقّقت خلال الأعوام الخمسين الماضية.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.