مع اقتراب نهاية العام الثاني من جائحة كوفيد-19، أصبحت الأمور أكثر وضوحا بشأن الدول التي ما زالت تعاني من تأثير الفيروس على اقتصاداتها وتلك التي استطاعت إدارة الأزمة بمرونة وحكمة. فالمعلوم أن الجائحة قد تسببت في حالة من الركود الاقتصادي العالمي هو الأضخم والأعمق منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وأشار تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي في أبريل 2021 إلى انكماش الاقتصاد العالمي بنسبة 3.5 في المئة في عام 2020، وهو ما يمثل خسارة بنسبة 7 في المئة مقارنة بتوقعات النمو البالغة 3.4 في المئة في أكتوبر 2019. كما يؤكد التقرير أن كل دولة تقريبًا يغطيها صندوق النقد الدولي حققت نموًا سلبيًا في عام 2020، وكان الانكماش أكثر وضوحًا في الدول الفقيرة. وأسباب ذلك الركود الاقتصادي في غالبية دول العالم أصبحت أكثر وضوحا. فبعض تلك الدول لم تكن تمتلك خططاً وطنية واضحة وشاملة لإدارة أزمات الأوبئة المعدية كوباء كوفيد-19، والبعض الآخر لم تكن لديه البنية التحتية القوية والمرنة سواء في القطاع الصحي أو قطاع تقنية المعلومات، بينما بعض الدول لم تضع خططاً عملية وقابلة للتطبيق لإدارة استمرارية الأعمال أثناء الطوارئ والأزمات. ولقد نتج عن كافة تلك العوامل تأخر العديد من دول العالم في التعافي من أزمة الجائحة إذ ما زالت في مرحلة الاستجابة. 
وبالنظرة الفاحصة لأسلوب إدارة أزمة فيروس كورونا المستجد، كوفيد-19، نستطيع التأكيد على نجاح دول لا يتجاوز عددها أصابع اليدين في ذلك الأمر. وتأتي دولة الإمارات العربية المتحدة في المركز الأول في الشرق الأوسط، والثالث على مستوى العالم في أسلوب إدارة تلك الأزمة من خلال رصد وتحليل الإجراءات والتدابير التي طبقتها دول العالم وتأثيرها على الشعوب، وبالتالي استطاعت الإمارات التعافي في زمن قياسي من آثار الجائحة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والصحية.
وقد جاء ذلك النجاح لحكومة الإمارات نتيجة تضافر عدة عوامل، يأتي في مقدمتها القيادة الحكيمة الهادئة للأزمة ثم التناغم الكبير والتعاون المنقطع النظير بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في تطبيق إجراءات الاستجابة للأزمة، ثم التخطيط المسبق لكيفية إدارة مخاطر الأوبئة المعدية، والتي تتضمن فيروس كورونا، وبناء اقتصاد مرن قادر على الصمود في وجه مختلف أنواع الأزمات.
أضف إلى ذلك وضع الخطط الوطنية لضمان أقصى وأفضل درجات الاستجابة لتلك المخاطر والتمرين عليها وطنيا ومحليا، والتي تشمل خطط إدارة استمرارية الأعمال، والتي كانت كفيلة بنجاح إجراءات التعليم والعمل عن بعد.
ومن أبرز عوامل نجاح الإمارات أيضاً في سرعة التعافي من أزمة كورونا، الدور الذي قامت به وسائل الإعلام، سواء التقليدية وهي المكتوبة والمقروءة والمسموعة أو الحديثة وتشمل وسائل التواصل الاجتماعي، أثناء الأزمة من نشر الرسائل التوعوية الإيجابية وبث الطمأنينة بين نفوس أفراد المجتمع الإماراتي. 

وقد تزامنت تلك الإجراءات الوطنية مع تقديم ما يزيد على 21 مليون جرعة لقاح حيث بلغت نسبة متلقي الجرعة الأولى والجرعتين من مختلف أنواع اللقاحات التي وفرتها الدولة من إجمالي السكان 98.86% و88.78% على التوالي.
وتأكدت محصلة نجاح إدارة أزمة جائحة كورونا المستجد بالتعافي السريع منها في وقت ما زالت العديد من دول العالم ترزح تحت وطأة تأثير الفيروس، وخاصة في الجانب الاقتصادي. ولعل البرهان الأبرز على ذلك هو النجاح الكبير في استضافة إكسبو 2020 دبي، والذي قدمت من خلاله حكومة دولة الإمارات للعالم النموذج الأمثل للتعافي من الأزمات. 

باحث إماراتي