سانكيت جين
سانكيت جين واجهت الهند نوبات جفاف متكررة و17 فيضاناً سنوياً في المتوسط، ولهذا تأثير خطير على الفتيات الصغيرات سانكيت جين

في أغسطس عام 2019، فاض نهر «كريشنا» وأغرق قرية دافالي بولاية مهاراشترا الهندية. وغرق القرية مثّل تحدياً خاصاً لكريشناتاي بيراجدار التي تعمل حائكة ملابس والبالغة من العمر 32 عاماً. فقد استلزم إنقاذها من الغرق تدخل جارتها براميلا كامبل في ظل فوضى السيول. ولم تعد «بيراجدار» إلى منزلها إلا بعد ثلاثة أشهر من غرق القرية التي يبلغ عدد سكانها 2969 نسمة. وفي يوليو الماضي، غرقت القرية مرة ثانية مع ثماني مناطق أخرى في الولاية ذاتها ومات مئات الأشخاص. وواكب السيول الهندية فيضانات قاتلة في أوروبا الغربية ووسط الصين. وفي يوليو الماضي، انتقلت بيراجدار إلى قرية قريبة لم تصبها الفيضانات، لكنها مازالت تعاني من التداعيات الاقتصادية. فقد انهار الاقتصاد الريفي كله وأصبح من الصعب على كثير من الناس الحصول على وجبتي طعام في اليوم، بحسب قولها. ويتزايد انتشار الصعوبات الاقتصادية ليس فقط في الهند، بل أيضاً في مناطق كثيرة من العالم النامي، الذي تجد فيه المجتمعات الريفية نفسها ضعيفة أمام الكوارث المتعلقة بالمناخ. وذكر «مركز مراقبة النزوح»، ومقره سويسرا، أن 318.3 مليون شخص اضطروا للخروج من ديارهم منذ عام 2008 نتيجة العواصف وحرائق الغابات والكوارث الأخرى المتعلقة بالمناخ. وذكرت منظمة الأرصاد الجوية العالمية أن من بين مليوني شخص لقوا حتفهم في مثل هذه الكوارث بين عامي 1970 و2019 هناك نحو 91% منهم من سكان الدول النامية. واجتمع زعماء العالم في جلاسجو لحضور قمة الأمم المتحدة السادسة والعشرين للمناخ من أجل بحث كيفية مواجهة تحدي تقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري لتفادي مشكلات مناخية أكبر. ومن بين هؤلاء الزعماء، رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي تعهد ببذل جهود جديدة وكبيرة لتقليص انبعاثات بلاده المعرضة بقوة لمخاطر المناخ من موجات الحرارة المرتفعة إلى الفيضانات. والهند هي رابع أكثر الدول تسبباً في انبعاثات الكربون في العالم حالياً بعد الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. لكن المساهمة التاريخية للهند أكثر تواضعاً. فبين عامي 1750 و2018، تسببت الهند في انبعاث 51 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون مقارنة مع 400 مليار طن تسببت فيها الولايات المتحدة. وتتفوق الصين على الولايات المتحدة في إجمالي الانبعاثات، لكن الولايات المتحدة تتفوق بكثير من حيث حصة الفرد الواحد من سكانها من الانبعاثات. وأعلنت وزارة البيئة الهندية أنها ستطلب تعويضات مالية من الدول المتقدمة عن الخسائر المتعلقة بالمناخ. وفكرة التعويض التي أشير إليها في اتفاق باريس للمناخ عام 2015 منفصلة عن التعهدات التي قطعتها الدول الغنية لجمع التمويل لتخفيف حدة المناخ والتكيف معه في الدول النامية. وعلى امتداد الهند، يعتمد ملايين المزارعين على الرياح الموسمية. لكن نماذج الرياح الموسمية تغيرت وأصبحت تسقط أمطار غزيرة لساعات قليلة أو أيام ليتبعها نوبات جفاف أطول. والنتيجة تمثلت في حصيلة أمطار أقل وفيضانات أكثر. والشهر الماضي، أعلنت حكومة ولاية مهاراشترا حزمة إغاثة بلغت 1.3 مليار دولار للمزارعين الذين أتلفت الفيضانات محاصيلهم صيف العام الجاري على امتداد 5.52 مليون إكر. وجاءت استجابة حكومة الهند الاتحادية أكثر بطئاً، فلم ترسل فرق مسح للمناطق المتضررة إلا بعد شهور من الغرق. وتزايدت جهود الإغاثة ببطء، لكن الضغوط على النساء اللائي نزحن بسبب الفيضانات المتكررة يواجهن صعوبات تتزايد أيضاً. وقالت بيراجدار التي تعولها والدتها الأرملة وهي تعمل كأجيرة في الحقول: «من يتحمل عبء عدم اليقين هذا؟ إنهن النساء الفقيرات». وبعد فيضانات عام 2019، اقترضت أسرة بيراجدار 400 دولار. وحين عجزت الأسرة عن سداد المبلغ وفائدته، اقترضت 800 دولار أخرى. وقالت بيراجدار إنه لم يعد لديهن أحد يقترضن منه، وقلقها يدفعها للتفكير في الانتحار. وتقول هي ووالدتها إنهما تعانيان من الإرهاق والألم والمرض منذ فيضانات 2019. وتؤكد «نتراديبا باتيل»، التي تعمل في الرعاية الصحية في مهاراشترا إنها شاهدت نماذج مشابهة في المنطقة أثناء تقييمها للصحة العقلية لنساء يواجهن صعوبات مالية شديدة بسبب الكوارث المناخية. وذكرت «باتيل» أن خطة إعادة التأهيل بعد الفيضان التي تقدمها حكومة الولاية تفتقر إلى الدعم النفسي تماماً، وهذا يؤدي إلى تدهور الصحة البدنية للنساء. وتوصل تقرير لـ«مكتب الحد من الكوارث»، التابع للأمم المتحدة العام الماضي، أن هناك زيادة حادة في الكوارث المتعلقة بالمناخ منذ عام 2000. وواجهت الهند نوبات جفاف متكررة و17 فيضاناً سنوياً في المتوسط، ولهذا تأثير خطير على الفتيات الصغيرات. ومن بين هؤلاء الفتيات «أمروتا كامبل»، جارة بيراجدار السابقة. فقد كانت أمروتا تعتزم اللحاق بالجامعة، لكن الأسرة فقدت المنزل وحظيرة الماشية في فيضانات عام 2019. ولم تتلق الأسرة إلا 635 دولاراً كتعويض من الحكومة، وانتهي الحال بالأسرة إلى الوقوع في أسر دين بلغ 1200 دولار. وانتهى الحال بأمروتا برعاية الماشية ست ساعات على الأقل يومياً. وحتى العيش من إنتاج الماشية غدا صعباً بسبب غلاء الأعلاف. وتعمل الأم كأجيرة في الحقول. وهناك تكافل داخل المجتمع، لكن لا أحد يعرف إلى متى سيدوم. وقرية دافالي محاطة بحقول قصب السكر، ولا يمكن الوصول إليها إلا عبر طريق وحيد مما يعقد عمليات الإنقاذ. وبها مدرسة ابتدائية واحدة. وبعد انحسار مياه فيضان 2019، أنفقت كامبل الأم أكثر من 100 ساعة تحاول تنظيف المنزل. وهذا يعني تقلصاً» في دخل الأسرة. واستغرق جفاف الأراضي 45 يوماً حتى يقوم المزارعون بتسميدها. لكنهم يؤجلون الحرث عادة إلى أن يأتي المساحون الحكوميون أملاً في الحصول على التعويض. وتسعى كامبل الأم جاهدة لتوفر ما يكفي من المال لتخرج من المنطقة المعرضة للفيضان وتلتحق بجماعات المهاجرين في مدن الهند. *مراسل «كريستيان ساينس مونتيور» في الهند. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»