أبدأ بالتهاني لقيادة وحكومة وشعب دولة الإمارات العربية المتحدة ونحن نتطلع لخمسين عاماً قادمة مليئة بالعطاء والنهضة والتنمية في دولتنا، مساهمين في تحقيق الازدهار والاستقرار والسلم في عالمنا. 
مساعداتنا الخارجية التنموية والإنسانية والخيرية تقوم على رؤية تتمثل في إرث الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» والآباء المؤسسين الذين جعلوا العطاء وتقديم الخير ومساعدة الآخرين من البصمات المضيئة لدولة الإمارات. كذلك تتمثل في الرؤية المستقبلية للمساعدات الخارجية، والتي ترتكز على المبادئ العشرة لدولة الإمارات، خلال الخمسين عاماً القادمة التي اعتمدها صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، والتي نصت على أن «المساعدات الإنسانية الخارجية لدولة الإمارات، هي جزء لا يتجزأ من مسيرتها والتزاماتها الأخلاقية تجاه الشعوب الأقل حظاً. ولا ترتبط مساعداتنا الإنسانية الخارجية بدين أو عرق أو لون أو ثقافة. والاختلاف السياسي مع أي دولة لا يبرر عدم إغاثتها في الكوارث والطوارئ والأزمات».
دولة الإمارات تأسست على مبادئ التسامح والانفتاح تجاه الشعوب والثقافات المختلفة، ومساندة ودعم الدول شعوبها، وتنبع هذه المبادئ من مقومات وثقافات أصيلة، تُشدد على التكافل والتضامن الإنساني. وقد تطور قطاع المساعدات الخارجية الإماراتي خلال الخمسين عاماً الماضية مروراً بأربع مراحل أساسية، وهي المرحلة التأسيسية، ومرحلة التوسع، ومرحلة التخصص، ومرحلة القيادة، بالإضافة إلى المرحلة المستقبلية. 
المساعدات الخارجية الإماراتية حققت إنجازات وأدت دوراً ريادياً على مدى العقود الخمسة الماضية في خدمة الإنسانية جمعاء من دون تمييز أو تفرقة، وتحقيق رؤية دولة الإمارات وأهدافها في بناء وتعزيز اقتصادات الدول النامية والاستجابة الإنسانية الفاعلة في العديد من الكوارث والأزمات الدولية، من خلال الالتزام بتقليل الفجوة بين الاستجابة الإنسانية والمشاريع التنموية، عبر ربطها بمشاريع إعادة الاستقرار الإنعاش المبكر، والعمل على دعم التنمية المستدامة على الصعيدين الإقليمي والعالمي. 
المساعدات الخارجية جزء لا يتجزأ من سياسة دولتنا الخارجية ومساهم في تطوير العلاقات الدبلوماسية وفي القوة الناعمة لدولة الإمارات. وستكون مساهماً في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول الشريكة، كذلك سيكون التعلم من تجربتنا الماضية واستخلاص الدروس المستفادة خير معين لنا في تصميم سياسات واستراتيجيات المساعدات الخارجية، بما في ذلك تحديد أولوياتنا للفترات القادمة. وستقوم على دعم الأهداف ذات الأولوية، مثل تمكين النساء والفتيات، وخلق فرص العمل للشباب، وبناء القدرات المؤسسية للدول ومكافحة الأوبئة، وتعزيز منظومة الأمن الغذائي، وتعزيز القدرات، والتصدي للتغيرات المناخية، والاستفادة من التكنولوجيا، وصولاً للمساعدات الرقمية، وهي وسائل وأدوات تقنية تسهل وتسرع تنفيذ برامج المساعدات الخارجية الإماراتية لضمان الفعالية والكفاءة، كذلك سيتم العمل على خلق شراكات واسعة الطيف مع المنظومة الدولية والإقليمية ذات الصلة.
وسنستمر في تطوير مؤسساتنا المعنية بالمساعدات الخارجية، وفي بناء الكادر الوطني المؤهل الذي يديرها بكفاءة واقتدار. كذلك سنستمر في دعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 في العالم، وسنعمل على المشاركة الفاعلة البناءة في تصميم الأهداف العالمية للفترة التي تليها.

سلطان محمد الشامسي*
*مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي لشؤون التنمية الدولية.