لا تزال قواعد السفر الدولية الأميركية تبدو متحيزةً ضد الأوروبيين. وكان من المقرر أن تعيد الولايات المتحدة فتح حدودها في الثامن من شهر نوفمبر الجاري بالنسبة للمواطنين الأجانب الملقَّحين القادمين من أوروبا، لتنهي بذلك حظراً استمر لفترة طويلة (أكثر من 18 شهراً) وبدا تعسفياً بشكل متزايد. فلم تفرض الولايات المتحدة حصاراً مماثلاً على الوافدين الأجانب القادمين من بعض دول الكاريبي أو الأرجنتين، على الرغم من ارتفاع عدد الحالات في الأولى في بعض الأحيان وتباطؤ التطعيم في الثانية.

وأبقت الولايات المتحدة على قيودها ساريةً خلال الصيف حتى عندما سمحت أوروبا بدخول الأميركيين. لذا كانت هناك حالة من الارتياح الجماعي من العائلات المشتتة وشركات الطيران عندما بدت الولايات المتحدة أخيراً على استعداد لوضع قواعد السفر الخاصة بـ«كوفيد-19» بناءً على آراء علمية. فقد قالت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إنها ستقبل «أي مزيج» من اللقاحات ذات الجرعتين، والتي تمت الموافقة عليها من قبل إدارة الغذاء والدواء، أو تلك المدرجة للاستخدام في حالات الطوارئ من قبل منظمة الصحة العالمية.

وهذا يعني أنه يمكن للمسافرين مزج اللقاحات، الأمر الذي سيكون مفيداً لأولئك القادمين من بلدان مثل كندا والمملكة المتحدة، حيث يكون مزج جرعات اللقاح أكثر شيوعاً. وهذا يعني أيضاً أن الولايات المتحدة ستعترف بلقاحات «كوفيد-19» التي لم توافق عليها السلطات الأميركية، بما في ذلك لقاح «أسترازينيكا» المستخدَم على نطاق واسع واللقاحات الصينية.

وسيسهل هذا دخول الكثيرين، لاسيما أولئك القادمين من الأسواق الناشئة، حيث يصعب الحصول على اللقاحات التي تجيزها الولايات المتحدة من شركات «فايزر وبيون تك إس إي ومودرنا وجونسون آند جونسون». لكن المسافرين الذين يمكنهم إثبات أنهم تعافوا من «كوفيد - 19» وتلقوا جرعة واحدةً فقط من برنامج الجرعتين، وهو مزيج مقبول على نطاق واسع في الدول الأوروبية، لن يتم اعتبارهم ملقَّحين بالكامل، حسبما ذكرت وكالة «بلومبيرج نيوز»، نقلاً عن متحدثة باسم مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. وتبدو سياسة الولايات المتحدة غير متماسكة بشكل خاص عندما تفكر في أنها تسمح للأشخاص بالسفر من بلدان أخرى بعد الحصول على جرعتين من اللقاحات الأقل فعاليةً وليس لديهم أي دليل محلياً على التطعيم أياً كان.

ويُقال إن الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي طلب (على عكس الرئيس جو بايدن) من المواطنين والمسافرين على حد سواء تقديم تصريح صحي لتناول الطعام في المطاعم أو زيارة المتاحف أو الصعود على متن طائرة في رحلة محلية.. من بين أولئك الذين يعتَبَرون محصنين بالكامل في وطنه على أساس الشفاء من «كوفيد - 19» والحصول على جرعة واحدة فحسب من اللقاح. لكن في ظل النظام المعمول به في الولايات المتحدة، سيتم التعامل مع شخص مثله كما لو أنه يمثل خطراً صحياً أكبر من أي أميركي غير محصن على متن رحلة من نيويورك إلى لوس أنجلوس. إنها معايير مزدوجة للوباء يصعب الدفاع عنها!


بروك ساذرلاند وماكس نيسين*

* كاتبَا عمود لدى «بلومبيرج اوبينيون» 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»