انتهت أمس الأربعاء فعاليات عالمية عدة أقيمت بمناسبة الأسبوع العالمي للتوعية بمقاومة الميكروبات للأدوية والعقاقير، والذي يُحتفَل به سنوياً في الفترة بين يومي الثامن عشر والرابع والعشرين من شهر نوفمبر.

وعلى عكس معظم الفعاليات الصحية العالمية التي تستمر غالباً ليوم واحد فقط، وكنتيجة لخطورة تزايد مقاومة الميكروبات للأدوية والعقاقير، تُقام فعاليات التوعية هذه لمدة أسبوع كامل. والملاحظ أيضاً في فعاليات هذه السنة، أن الاسم تَغير من مقاومة البكتيريا إلى مقاومة الميكروبات.

ويأتي هذا التغيير نتيجةً لأن ظاهرة مقاومة العقاقير والأدوية المستخدمة لعلاج الأمراض المعدية، لم تعد تقتصر على البكتيريا ومضاداتها الحيوية فقط، بل امتدت إلى الفيروسات ومضاداتها، والفطريات ومضاداتها، والطفيليات ومضاداتها أيضاً.

بل أن هذه الظاهرة لم تعتد تقتصر على الميكروبات التي تصيب بني البشر فقط، وإنما امتدت أيضاً إلى النباتات والحيوانات التي يعتمد عليها إنسان العصر الحديث في تحقيق أمنه الغذائي.

هذا الوضع برمته، دفع منظمةَ الصحة العالمية إلى تصنيف ظاهرة مقاومة الميكروبات للأدوية والعقاقير، كواحدة من أهم عشرة مخاطر صحية تهدد الجنس البشري حالياً. فمن دون مضاداتِ ميكروباتٍ فعّالة، سيجد الأطباءُ أنفسَهم عاجزين عن علاج الأمراض المعْدية بكفاءة وفعالية، وستصبح العلميات الجراحية، وأساليب علاجية أخرى مثل العلاج الكيماوي لمرضى السرطان، مخاطرةً كبرى قد تودي هي نفسها بحياة المريض.

والمؤسف أن هذه الظاهرة تشهد تزايداً مستمراً دون توقف أو انقطاع، لأسباب عدة، منها، أولاً: فرط وسوء استخدام مضادات الميكروبات، والذي يعتبر العامل الأساسي والمحرك الرئيسي لهذه الظاهرة.

ثانياً: فقدان الكثير من المجتمعات والتجمعات السكانية لإمدادات مياه الشرب النظيفة، ونظم الصرف الصحي الفاعلة، وباقي إجراءات الوقاية من العدوى والتحكم فيها، وهو ما يستلزم الاستخدام المفرط والخاطئ أحياناً لمضادات الميكروبات، ويساعد على انتشار الأصناف التي تتمتع أساساً بمقاومة تجاه هذه المضادات.

وعدا عن الثمن الإنساني الفادح لتزايد ظاهرة مقاومة مضادات الميكروبات، وخطرها الداهم على نظم الرعاية الصحية والطب الحديث برمته، تحمل هذه الظاهرة في طياتها ثمناً اقتصادياً لا يقل أهمية.

فالمرضى الذين يتعرضون للعدوى بأحد أنواع تلك الميكروبات، يتطلب علاجهم استخدام أدوية وعقاقير باهظة الثمن، كما أن خطورة حالتهم الصحية تتطلب حجزَهم في مؤسسات الرعاية الصحية لفترة أطول، ما يرفع التكلفة على المجتمع وعلى الفرد، أضف إلى ذلك فاقد الإنتاجية والدخل خلال هذه الفترة، والذي قد يلتهم مدخرات الأسرة، ويدفع بها إلى ما تحت خط الفقر.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية