قبل أيام توفي بوب دول، زعيم أغلبية مجلس الشيوخ والمرشح الرئاسي السابق، عن عمر يناهز 98 عاماً. وامتلأت وسائل الإعلام بذكر مناقبه وهو أمر مفهوم حتى بالنسبة للذين عارضوا ما كان يمثله دول.

فلم يكن بطل حرب فحسب أو يذكرنا بعصر كان الحزبان فيه مستعدين للعمل سوياً من أجل المصلحة القومية فحسب، بل تذكرنا قصة حياته بعصر كانت فيه الشخصيات العامة من المفترض أن تبدي بعض الإحساس بالمسؤولية، ولديها حد أدنى من المروءة لتعترف بالأخطاء حين تقترفها، بل وتضع حياتها في خطر في زمن الحرب. والتظاهر بهذه الفضائل كان يكشف نفاق كثيرين.

لقد صادفت وفاة «دول» مرور أيام قليلة على علمنا بما فعله دونالد ترامب بعد إثبات الاختبار إصابته بفيروس كورونا العام الماضي. فلم يخف النتيجة فحسب، بل شرع في وضع مئات الأشخاص في خطر بمواصلة أنشطته المعتادة، رافضاً وضع الكمامة أو الالتزام بالتباعد الاجتماعي. وحين أصبحت إصابته تهدد الحياة، أشار إلى أنه ربما التقط العدوى أثناء مقابلته أسر شهداء بعد ثبوت إصابته بالفيروس. وهذا يعني أنه ألقى باللائمة على أشخاص عرّض حياتهم للخطر دون مبالاة.

وعلى مستوى ما لم يندهش أحد، فقد كنا نعرف ترامب وطبعه الشخصي الخاص. لكن ألا يخبرنا هذا عن حالة أميركا الحديثة بأنه لا أحد يتوقع أن يدفع ترامب أي ثمن لهذا الكشف؟ إن إخلاص قاعدته لم يتزعزع ومازال مرشحها المفضل للانتخابات الرئاسية لعام 2024. ولم يدفع ترامب أي ثمن للعيوب الشخصية الأخرى التي كانت تعتبر ذميمة ذات يوم. فقبل جيلين أو أكثر، هل كان بوسع شخصية سياسية قومية ألا تتضرر وهي تواصل التحسر على ذاتها وتشكو من سوء المعاملة التي تعرضت لها؟

هل كان من الممكن ألا تدفع هذه الشخصية ثمناً لرفضها الدائم للاعتراف بالخطأ؟ لقد وضع ترامب فيما يبدو المعيار لكثير من المخلصين له. فكثيرون ممن شاركوا في تمرد السادس من يناير الذين حاولوا تغيير نتيجة الانتخابات الرئاسية آسفون للغاية فيما يبدو على أنفسهم. فقد بكى كايل ريتنهاوس أثناء شهادته، ليس لأنه شعر بالندم لقتله أشخاصاً، ولكن لتألمه من العرض على القضاء. وأسرة كرامبيليز التي أعطت ابنها مسدساً أطلق به النار على مدرسته في ميشيجان وقتل أربعة طلاب، بدت مضطربةً للغاية أساساً بسبب تعرضها للاعتقال.

كل هذا نابع من حركة مهووسة بفكرة الذكورية. أليس الرجال الحقيقيون يفترض بهم تقليدياً أن يكونوا أقوياء ونماذج صامتة تتحمل مسؤولية أفعالها وتقبل مغبّتها دون شكوى؟ هذه فضائل إنسانية بالطبع، لكنها ليست مرتبطة بالذكورية دائماً، وما زالت تعتبر مزايا نتوقعها ونعجب بها. الأمر لم يبدأ بترامب. إننا نسير في هذا الطريق منذ فترة طويلة من الزمن.

ففي عام 2006، في أعقاب غزو العراق- بناء على مزاعم باطلة- وبعد الاستجابة الفاشلة لإعصار كاترينا، كتبت عن «فجوة المروءة»، أي عدم رغبة الأشخاص الذين كانوا يديرون البلاد حينذاك في قبول مسؤولية فشلهم وحرصهم على إلقاء اللوم على الآخرين حين تفسد الأمور.

وفي وقت لاحق، أثناء حقبة أوباما، كان من المذهل أن نشاهد عدداً كبيراً من النقاد في اليمين يرفضون الاعتراف بالخطأ حين تعلق الأمر بعدم تحقق تنبؤاتهم بشأن تصاعد التضخم أو الفشل الذريع لمشروع أوباماكير. لكن تحوُّل التوجه المحافظ الأميركي إلى جمع من المتذمرين الخبثاء بلغ فيما يبدو النموذج الأمثل.

نعم، هناك منافقون يتحسّرون على أنفسهم في اليسار أيضاً، لكنهم لا يهيمنون بالطريقة التي يهيمن بها ترامب وأمثاله على اليمين. ولست متأكداً تماماً بشأن سبب حدوث هذا، لكن التدهور بدأ قبل عقود على الأرجح، ربما مع سنوات حرب فيتنام. لكن لا شك أنه حدث.

*أكاديمي أميركي حائز جائزة نوبل في الاقتصاد

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

Canonical URL: https://www.nytimes.com/2021/12/07/opinion/bob-dole-donald-trump.html