أصدر جو بايدن أخيراً تأييداً كاملاً وبدون تحفظات لإنهاء المماطلة من أجل تمرير تشريع حقوق التصويت. لكن هذا التأييد جاء في الأيام الأخيرة من المعركة - قبل أقل من أسبوع من خطط زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، السيناتور تشاك شومر، لإجراء تصويت على التشريع - وفقط بعد فشل الأولوية الأخرى بالنسبة لبايدن، هي إعادة البناء بشكل أفضل.
على مدار عام، ظل النشطاء يصرخون ويتوسلون ويتم القبض عليهم، في محاولة لحمل البيت الأبيض على وضع كامل ثقل الرئاسة وراء حماية حقوق التصويت، لكن توسلاتهم كانت تُقابل بالصمت أو الاستهانة.
وأخيراً، سافر بايدن ونائبته كامالا هاريس إلى أتلانتا لإلقاء خطب قوية تدعو الكونجرس إلى إصلاح التعطيل وحماية حقوق التصويت، كل الأشياء التي كان النشطاء يطلبون منهم القيام بها منذ شهور. غضب بعض النشطاء لدرجة أنهم رفضوا حضور الخطاب. حضر أفراد عائلة مارتن لوثر كينج جونيور، لكنهم قالوا إن حضورهم كان «قراراً صعباً» بسبب إحباطهم من تقاعس البيت الأبيض في الماضي.
وخلال خطابه، قال بايدن: «لقد انخرطت في محادثات هادئة مع أعضاء الكونجرس خلال الشهرين الماضيين. وقد سئمت من الهدوء!»
ونحن أيضاً سئمنا يا فخامة الرئيس، فهدوءك هذا الذي يشبه السجن، لك الحرية في التخلي عنه في أي وقت، لكنك لم تفعل ذلك حتى هذا الأسبوع.
والسؤال الآن هو ما إذا كان دخول الرئيس ميدان المعركة في اللحظات الأخيرة سيكون متأخراً للغاية؟ العائق الحقيقي الآن هو «الجمهوريون» الذين يقيدون الوصول إلى الاقتراع ويحدون من القوة التصويتية للأشخاص، ومعظمهم من الملونين، على مستوى الولايات، والجمهوريون في الكونجرس يرفضون منعهم.
«الديموقراطيون» هم الوحيدون الذين لديهم القوة للرد، وقد قالوا إنهم سيفعلون ذلك. وخلال الانتخابات كانت حملة المرشح بايدن قد أصدرت بياناً لتوضيح الموقف بعنوان «ارفعوا كل الأصوات: خطة بايدن لأميركا السوداء». وفي البيان، وصف الديمقراطيون كيف كانت «معالجة العنصرية النظامية والنضال من أجل الحقوق المدنية قوةً دافعةً طوال حياة بايدن المهنية في الخدمة العامة»، ووعدوا بأنه «سيعزز ديمقراطيتنا من خلال ضمان حماية أصوات كل الأميركيين»، بدءاً بتحديث قانون حقوق التصويت وتطوير عملية جديدة «للموافقة المسبقة»، وهو البند الذي منع الولايات التي لها تاريخ من التمييز من تغيير قوانين التصويت الخاصة بها دون موافقة وزارة العدل.
إنه أمر ملح، أليس كذلك؟ حسناً، على ما يبدو لم يكن كذلك. كان بايدن يتلكأ في التخلص من تعطيل حماية حقوق التصويت لإدارتها بالكامل بشكل أساسي، حتى هذا الأسبوع. وفي مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، في يوليو الماضي، دافع بايدن عن المماطلة حتى النهاية، قائلاً إن سبب حمايتها هو تجنب إلقاء الكونجرس بأكمله في «الفوضى» واحتمال «عدم القيام بأي شيء» على الإطلاق.
بعد ثلاثة أشهر، وفي مقابلة أخرى مع شبكة «سي إن إن» أيضاً، قال بايدن أخيراً إنه منفتح على تغيير المماطلة «بشكل أساسي»، لكنه كان حذراً، وشرح سبب رغبته في تجنب الانخراط الكامل في معركة التعطيل: «في الواقع، إذا دخلت هذه اللحظة في النقاش حول التعطيل، فسأخسر ثلاثة أصوات على الأقل في الوقت الحالي للقيام بما يجب عليّ القيام به في الجانب الاقتصادي من المعادلة، وكذلك جانب السياسة الخارجية من المعادلة ذاتها».
والآن، وبعد أن قام السيناتور دو مانشين بنسف مشروع قانون الإنفاق، على الأقل في الوقت الحالي، انتقل بايدن في النهاية إلى حقوق التصويت.
إن الإشارة التي يرسلها كل هذا هي أن حماية حقوق التصويت، وبالتالي حماية ديمقراطيتنا بالكامل، لم تكن القضية الرئيسية، بل بالأحرى هي مسألة أقل أهمية. وهذه بالضبط هي النقطة التي قالها زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، الأسبوع الماضي، عندما صد بايدن في خطاب ألقاه في مجلس الشيوخ: «قصة الرئيس بايدن هي أن الديمقراطية على أبواب الموت، لكنه أمضى تسعة أشهر في مطاردة فورة الضرائب والإنفاق المتهورة قبل معالجتها؟ لا يجب أن تكون حالة طارئة بهذا القدر. من المفترض أن يعتقد المواطنون أن عودة قوانين جيم كرو مطروحة، لكن هذه كانت الأولوية السادسة للرئيس بايدن، بعد أن مُنع من إنفاق 5 تريليونات دولار على طواحين الهواء والرعاية الاجتماعية. إن سلوك الديمقراطيين نفسه يدحض ما لديهم من هستيريا زائفة».
إن ماكونيل شريك في قمع الناخبين، لكن تلكؤ بايدن أعطى ماكونيل الذريعةَ لاستخدامها ضد الإصلاح.
آمل أن يكون هذا من قَبيل «تأخرُ الأمرِ أفضل من عدم حدوثه على الإطلاق»، وأن تساعد مشاركة بايدن في نقل بعض أعضاء مجلس الشيوخ من «الرفض» إلى «الموافقة» بشأن إصلاح التعطيل.. لكن الأمل سمة من سمات الإيمان وليس ركيزة من ركائز السياسة.
لا يُظهر الرافضون الديمقراطيون للتخلص من التعطيل أي علامات على تغيير رأيهم. وهم يعلمون الآن أن عليهم تحمل أقل من أسبوع من الضغط من جانب البيت الأبيض قبل التصويت، بدلاً من شهور. تبدأ ولايات مثل تكساس، مع قوانين جديدة لقمع الناخبين وخرائط جديدة تم التلاعب بها عنصرياً، التصويت المبكر في فبراير المقبل.
وخلال خطاب النصر الذي ألقاه بايدن، قال: «خاصة في تلك اللحظات التي كانت فيها هذه الحملة في أدنى مستوياتها، وقف المجتمع الأميركي من أصل أفريقي مرة أخرى من أجلي»، واستطرد: «لقد ساندتموني دائماً، وسأساندكم».
حسناً، وإذا فشلت إجراءات حماية التصويت، فسيشعر الكثيرون في مجتمع السود وكأنهم تعرضوا للطعن في الظهر.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»