منذ اليوم الأول لانقلاب «جماعة الحوثي» الإرهابية على نظام الحكم الشرعي في اليمن وجرائمها الإرهابية لا تتوقف ضد الأبرياء، بل في استمرار لا يعادله سوى الصمت الدولي إزاء ذلك الإرهاب العابر للحدود، والذي لا يجد سوى السعودية والإمارات يقفان بمواجهته في محاولات مستمرة منذ عام 2015 لإعادة النظام الشرعي إلى صنعاء. والأمر المثير للاستغراب أن القاصي والداني يعلم يقيناً بنوايا ومخطط «جماعة الحوثي» وبمن يقف وراءه ويعلمون أن سيطرة تلك الجماعة الكاملة على اليمن ستؤدي لا محالة إلى امتداد الإرهاب وسيطرة من يقف وراء «الحوثي» على مضيق «باب المندب» الحيوي الاستراتيجي الذي يمر منه ما يمثل 7% من الملاحة العالمية.

والتساؤل الذي لا يجد حتى الآن إجابة شافية من النظام الدولي هو من المتسبب في بلوغ الوضع الإنساني في اليمن إلى مرحلة «السقوط من حافة هاوية» مع أكثر من 20 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدة إنسانية، ومن بين هؤلاء، يوجد أكثر من 16 مليون جائع من الرجال والنساء والأطفال، وعشرات الآلاف من الأشخاص يعيشون في ظروف شبيهة بالمجاعة، وخمسة ملايين شخص على بُعد خطوة واحدة من المجاعة؟ أليس انقلاب جماعة «الحوثي» الإرهابية على نظام الحكم في اليمن هو السبب المباشر والوحيد لتردي الأوضاع الإنسانية والصحية والاجتماعية في اليمن؟ وبالرغم من ارتفاع الأصوات وانتشار الدعوات منذ عام 2015 بضرورة وقوف النظام الدولي صفاً واحداً أمام مخططات وإرهاب جماعة «الحوثي»، إلا أن تلك الدعوات لم تلق استجابة إلا من الرياض وأبوظبي اللتين، من ناحية، تقودان الجهود العسكرية لدحر الجماعة الإرهابية، وإعادة الحكومة الشرعية إلى صنعاء، ومن ناحية أخرى، تقومان بإعادة بناء ما دمره «الحوثي» في المدن اليمنية المحررة وإعادة الأوضاع الإنسانية للشعب اليمني.

الهجمات الإرهابية الأخيرة على أبوظبي، والتي تباهت جماعة «الحوثي» أمام العالم بارتكابها، ما هي إلا حلقة من حلقات الاعتداءات الآثمة على الأبرياء في السعودية والإمارات، والتي ما زالت تواجه بالتنديد والشجب والاستنكار، وهو أمر صحي في العلاقات الدبلوماسية، ولكن الوضع يتطلب ما هو أهم من ذلك الدعم الدبلوماسي، وهو تجفيف منابع الدعم الذي يصل إلى جماعة «الحوثي» الإرهابية ووضع قادتها وعناصرها المعروفين للعالم من خلال ظهورهم الإعلامي على لائحة الإرهاب.

أضف إلى ذلك، ضرورة الاتفاق الدولي على وضع «خريطة طريق» يمنية شاملة تقوم على عدة أسس مهمة وحيوية. الأساس الأول هو إعادة النظام الشرعي إلى صنعاء ومنحه القدرات الكافية لممارسة سلطاته على كامل التراب اليمني، والأساس الثاني، هو وقف التدهور المتزايد في الأوضاع الإنسانية والصحية والاجتماعية للشعب اليمني وإعادة بناء القطاع الصحي والتعليمي والسكني لخدمة كافة المواطنين.

والأساس الثالث هو منع وصول الدعم المالي والعسكري إلى جماعة «الحوثي» وحتمية نزع سلاحها، ومنع أية تهديدات تضر بالسعودية والإمارات، وذلك باتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان عدم وصول إرهاب «جماعة الحوثي» مستقبلاً إلى أراضي الدولتين وحماية الأبرياء والمنشآت فيها. حان الوقت لأن يقوم النظام الدولي بدوره، فعلاً وليس قولاً، في إنهاء انقلاب «الحوثي» ووقف عملياته الإرهابية وإعادة الحكم الشرعي المعترف به دولياً إلى صنعاء وضمان إعادة الأمن والأمان إلى الشعب اليمني.

* باحث إماراتي