مع تواتر نتائج الدراسات التي تظهر أن احتمالات التعرض للمضاعفات الخطيرة، بعد العدوى بالمتحور أوميكرون، والوفاة بسببه، هي أقل مقارنة بالعدوى بالمتحور دلتا، انتشر مؤخراً على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، التساؤل عما إذا كانت العدوى بهذا المتحور على بساطته، هي خيار أفضل من التطعيم لمن لم يتلقوا تطعيما بعد؟

أو لمن تطعموا وأصبحوا في حاجة للجرعة المنشطة أو المحفزة فقط؟ وهذا التساؤل يشير إلى ما أصبح يُعرف بالعدوى الاختيارية. بداية، هذا السؤال المرتكز على منطق أجوف، يتجاهل حقيقة أن أعراض وعلامات ومضاعفات العدوى بأوميكرون، ليست كمثيلتها الناتجة عن العدوى بفيروس دور البرد الشائع، حيث يظل أوميكرون فيروساً يسبب مرضاً قاتلاً.

صحيح أن احتمالات الوفاة بسبب «أوميكرون» أقل من «دلتا»، لكن ذلك لا يعني أن احتمال الوفاة معدوم أو صفر. فبناء على سجلات المستشفيات خلال الفترة الأخيرة، هناك عدد لا يستهان به من مرضى أوميكرون محجوزون في المستشفيات، نسبة لا يستهان بها منهم على أجهزة التنفس الاصطناعي، بل لقي بعضهم حتفهم بالفعل. هذا السيناريو تزداد نسبة حدوثه مع من تخطوا سن الخامسة والستين، والمصابين بأمراض تنتقص من كفاءة جهاز المناعة، والمصابين بأمراض مزمنة كالسكري، وأمراض القلب، وأمراض الرئتين، وأمراض الكلية المزمنة، وحتى المصابين بأمراض عصبية أو قصور في وظائف الكبد. المشكلة الأخرى في هذا السؤال أو الاقتراح، أنه حتى لو نجا المصاب بحياته من أوميكرون، فهناك احتمال قائم أن يصاب بأعراض كوفيد طويل المدى.

وهي حالة تتميز بتبعات صحية تستمر بعد انتهاء فترة النقاهة. بمعنى، أن المصابين بالفيروس، بعد شفائهم، واكتمال نقاهتهم، يظل بعضهم يعاني من أعراض متنوعة ومتعددة لفترة طويلة. هذه الأعراض قد تشمل الشعور الدائم بالإرهاق، والصداع، وقصر النفس، وفقدان حاسة الشم، ووهن وضعف العضلات، والحمى المنخفضة، وأحيانا تراجع القدرات العقلية الذهنية.

وبالإضافة إلى هذا وذاك، يشكل المصابون بأوميكرون خطراً على الآخرين، وخصوصاً الأطفال. حيث لا تزال نسبة لا يستهان بها من الشريحة العمرية بين سن الثانية عشرة والسابعة عشرة لم تتلق أي تطعيم، وتتضاعف هذه النسبة بين أفراد الشريحة العمرية من سن الخامسة وحتى الحادية عشرة، والذين لم يتلق معظمهم أي جرعة حتى الآن. وفي ظل حقيقة أن الجرعة المنشطة، والتي تعتبر من أهم خطوط الدفاع والوقاية ضد أوميكرون، حصلت فقط في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، على موافقة مركز التحكم في الأمراض بالولايات المتحدة، بالاستخدام لمن هم فوق سن الثانية عشرة، من السهل أن ندرك أن نشر أوميكرون بين الأطفال، يحمل في طياته خطراً جسيماً على حياتهم، دون أن يكون هناك مبرر طبي أو منطقي كاف.

* كاتب متخصص في الشؤون العلمية.