مرت السياسة التركية الخارجية، بمرحلتين رئيستين، خلال العقدين الماضيين، أثرت على الاقتصاد التركي إيجاباً وسلباً، فعند الحديث عن فترة وصول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى منصب رئاسة الوزراء، نجد أن السياسة التركية اعتمدت على الابتعاد عن الأزمات السياسية، والتركيز على مشاريع التنمية.

وبالرغم من الأحداث العصيبة التي مرت بها المنطقة في تلك الحقبة، إلا أن تركيا بسياستها الهادئة، حققت نتائج اقتصادية كبيرة، وضعتها في موقع أهم الاقتصادات في العالم.

وفي العقد الأخير، غيرت تركيا منهجها السياسي تجاه قضايا المنطقة، ضمن تداعيات كثيرة لما يسمى بـ«الربيع العربي»، الأمر الذي تسبب في توتير العلاقات مع دول الاعتدال العربي، وعلى رأسها السعودية والإمارات ومصر، وشهدت العلاقات توتراً جراء المواقف المتباينة تجاه التطورات السياسية العنيفة والمتوترة في المنطقة منذ شتاء 2010 وما تلاه من اضطرابات في تونس ومصر وليبيا ، وصولاً إلى السودان، وكان الملف الليبي قد فاقم الخلاف، ونتيجة هذه التوترات الإقليمية تضرر الاقتصاد التركي إلى حد كبير.

استمرار الملفات المتأزمة بدون جدوى، والتحولات السياسية الدولية، مع وصول الحزب «الديمقراطي» إلى البيت الأبيض، وخسائر جائحة كوفيد-19، التي أصابت العالم بأسره، جعلت تركيا تتجه إلى مراجعة سياستها الخارجية، خصوصاً مع اقتراب استحقاقات سياسية داخلية مهمة، فأصبح الاقتصاد هو الأولوية الأولى، وهذا لن يتحقق إلا بتحسين علاقات أنقرة مع جوارها الإقليمي، خاصة دول الاعتدال العربي.

وهنا تحقق الاختراق الإيجابي، حين بدأت تركيا التواصل مع مصر، كما رحبت الإمارات بالتوجه التركي، وفتحت الأبواب لمزيد من الحوار والتواصل، مما سيحقق سياسة خفض التصعيد، والتضييق على الأزمات، بهدف توسيع دائرة الاستقرار الإقليمي. تعتبر الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى تركيا في نوفمبر 2021، وزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الإمارات في 14 فبراير 2022، منعطفاً تاريخياً مهماً في العلاقات بين أبوظبي وأنقرة، لتطوي صفحة الخلافات، وتتجاوز سنوات الفتور، متطلعة إلى المستقبل، وستعزز من العلاقات الاقتصادية، خصوصاً أن حجم التجارة غير النفطية بين البلدين، بلغ 86.9 مليار دولار، خلال العقد الأخير، ويبلغ حجم التجارة 8 مليارات دولار، وتصل صادرات تركيا الى الامارات الى 5.5مليار دولار.

سيسهم نمو العلاقات التركية- الإماراتية في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، وسيعزز من الأجواء التصالحية بين تركيا وكل من مصر والسعودية. ولاشك أن استمرار التواصل بين قيادات البلدين، سيُضيق الخناق على أي توترات بالمنطقة، بينما سيزيد دائرة التوافق في الملفات، فضلاً عن دفع التنمية في المنطقة، لمستقبل أكثر إشراقاً وبريقاً.

* إعلامية وكاتبة بحرينية.