بهذه الكلمات المليئة بالأسى، تحدث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للإعلام قبل يومين! «لقد تُركنا نقاتل لوحدنا! من يحارب معنا؟ لا أحد!»
هل كان هذا السيناريو مفاجئاً؟ هل كان زيلينسكي يعتقد أن التايفون والرافال والإف 35 ستحوم فوق سماء كييف بمجرد حدوث الاشتباك الأول على الحدود؟ 
الحقيقة أن هذا الأمر كان متوقعاً منذ البدايات الأولى لنشوب هذه الأزمة، إذ أن الولايات المتحدة وأوروبا ليستا على استعداد لدخول حرب مباشرة مع روسيا في الوقت الحالي، لكنهما -مع سبق الإصرار والترصد- جاهزتان تماماً لقطف ثمرة هذا الاضطراب الجيوسياسي في خاصرة روسيا! أغلب المراقبين السياسيين، كانوا يتوقعون هذا السيناريو.

وحده الرئيس الأوكراني وقيادته السياسية كانوا مغيبين عن الواقع ومنفصلين عن حقيقة الأمور.
ظلت الديبلوماسية الغربية طوال الأسابيع الماضية، وبمساندة كبريات المنصات الإعلامية الغربية، تعمل على الترويج للحرب، وتدعو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإطلاق شرارة العمليات العسكرية عن طريق الضغط المبالغ فيه على الخيارات الروسية، فيما اشتغلت على «تعظيم التمرد» في نفوس الأوكرانيين وجعلتهم يشعرون بأنهم ند حقيقي للدب الروسي! ضخٌ إعلاميٌ رهيب ومناورات دبلوماسية لا تهدأ حتى اشتعلت الحدود بين البلدين وحدث ما حدث.
ماذا كانت النتيجة؟
الرئيس الأميركي يقول إن بلاده لن تتدخل في النزاع الدائر على بعد آلاف الكيلومترات من الحدود الأميركية، لكن سيكون لها موقف آخر فيما لو هاجمت روسيا إحدى بلدان «الناتو»! والرئيس الفرنسي يؤكد أن بلاده لن تشارك في الدفاع عن الأوكرانيين! والرئيس البريطاني يعرض استعداد بلاده لمنح الرئيس الأوكراني وعائلته حق اللجوء السياسي!
ماذا كانت النتيجة؟
أوكرانيا لوحدها في مواجهة العملاق الروسي! لكن هل يُعبر هذا الواقع على الأرض عن حقيقة ما يدور الآن في العلن وخلف الأبواب المغلقة؟ الأميركيون والأوروبيون لهم تفاصيل أخرى في هذا النزاع، فهم وإن ظهروا بمظهر المتخاذل الذي انسحب من المواجهة، إلاّ أنهم سعوا لهذه اللحظة بكل ما يملكونه من قوة دبلوماسية واستخبارية وإعلامية، فإشغال موسكو في هذه الحرب كان غايةً مبتغاة لا يمكن الوصول لها إلا بتعمية الجانب الأوكراني ودفعه من غير أن يدرك للمواجهة.

وأظن أن الكلمات التي تخرج الآن من أفواه الساسة الغربيين لا تعبّر عن الحقيقة، فالدعم الذي ستحصل عليه أوكرانيا بوجود الرئيس زيلينسكي أو عدم وجوده سيكون كبيراً جداً، على أمل كسر شوكة بوتين وإغراق أحلامه العسكرية والسياسية والاقتصادية في الوحل الأوكراني! لم يكن لأميركا (وحلفائها) أن تعتمد العقوبات الاقتصادية الكبيرة على روسيا لو لم تحدث هذه الأزمة. ولم يكن لأميركا وحلفائها أن يخلقوا عدواً للعالم الغربي تنشغل فيه المجاميع الاجتماعية عن الضغط السياسي على قادتها، لو لم تشتبك روسيا مع اللون البرتقالي المدعوم غربياً. 

* كاتب سعودي