إنها طريقة رائعة لـ«الديمقراطيين» لإبعاد أنفسهم بشكل دائم عن المناطق الريفية في أميركا، حيث يتعرضون للخسارة بالفعل، أي التخلص من المؤتمرات الحزبية في ولاية ايوا. ومن وجهة نظر بعض الديمقراطيين، فإن ولاية ايوا مليئة بالبِيض وهي ولاية ليبرالية للغاية، ومضطربة للغاية، ومعقدة للغاية، وباردةٌ للغاية عندما يفضل المرشحون الرئاسيون السفر إلى مكان به شاطئ واستوديو تلفزيوني. نفس الأمر ينطبق على نيو هامبشاير التي من المقرر أن تجري فيها الانتخابات التمهيدية الرئاسية بعد ثمانية أيام من عقد المؤتمرات الحزبية في أوائل عام 2024.
نعم، ستبدأ اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي مراسمها، التي تجريها كل أربع سنوات، بوصفنا بالبائسين، لأن الشخصيات البارزة في اللجنة تعتقد أن الولايتين اللتين تم إجراء التصويت بهما في وقت مبكر لا تمثلان الناخبين، ولأن الساسة يكرهون وجود ناخبين مميزين يديرون العرض.
ويبدو أن لجنة القواعد واللوائح الخاصة باللجنة الوطنية الديمقراطية هي الآن أكثر التزاماً من أي وقت مضى بوضع خطة للتناوب بين خمس ولايات يتم فيها التصويت مبكراً بدلاً من بدء التصويت في ولاية ايوا، وهو التقليد المتبع منذ نصف قرن. وتحرص ولاية نيفادا على المشاركة في هذا الدور المبكر.

هناك حقيقة مزعجة، وهي أن ولاية ايوا أوصلت باراك أوباما إلى البيت الأبيض بسبب مؤتمراتها الحزبية الغريبة والفضولية. وقد فاز أوباما بولاية ايوا مرتين أيضاً في الانتخابات العامة.
ولطالما كانت ولاية ايوا تشكل مكاناً مزعجاً لعائلة كلينتون، ففيها تغلَّب أوباما على هيلاري كلينتون، كما تغلب السناتور عن ولاية أيوا (توم هاركين) على بيل كلينتون في انتخابات 1992. وقد يكون السبب في ذلك هو أن الفوز بهذه الولاية يتطلب وقتاً وتنظيماً وانضباطاً، لكن الانتخابات التمهيدية لكلينتون كانت تفتقر إلى كل هذا.
لا يفكر سماسرة المال والنفوذ كثيراً في المؤتمرات الحزبية أيضاً، لأن المؤتمرات الحزبية ظهرت بعد مؤتمر 1968 الكارثي في ​​شيكاغو، إذ سحب الحزب الترشيح من الغرف الخلفية، حيث تتم الاتفاقات السياسية السرية، ووضعه في أيدي الناس.
لم يهتم أحد كثيراً حتى جاء آر دبليو آبل، من «نيويورك تايمز»، إلى ايوا في عام 1972، ووجد أن جورج ماكجفرن، من ولاية ساوث داكوتا، كان أكثر شهرة من إدموند موسكي في ولاية ماين. وسرعان ما توافد باقي أعضاء السلك الصحفي وفرضوا ولاية ايوا باعتبارها ولاية مهمة في عام 1976. وذلك عندما خرج جيمي كارتر من بلينز بولاية جورجيا، وفاز بالولاية على تعهد بسيط بالأمانة.
وما كان لكارتر ولا لأوباما الوصول إلى البيت الأبيض، لو أنهما أُجبرا على التنافس منذ البداية في ولاية مليئة بالتغطية التليفزيونية مثل نيفادا أو نيويورك.
في ولاية ايوا، يلتقي المرشحون لتناول القهوة في المطابخ مع مجموعات من ستة إلى ثمانية ناخبين. يجب أن يكون المرشحون الطامحون مطلعين على مخططات الضمان الاجتماعي وأسعار الحبوب والتجارة مع الصين وتعليب اللحوم والقروض الجامعية والتعليم ثنائي اللغة.. على سبيل المثال لا الحصر. ويوجد في ولاية ايوا نحو 300 صحيفة، وناخبو هذه الولاية يقرؤون كثيراً. الجميع مرحَّب به هنا، لكن من المفيد أن تقوم بواجبك أولاً.
إن الممارسة المتمثلة في إجبار المرشحين على التحدث مع الناخبين وإجبار الناخبين على مناقشة المرشحين من وراء القضبان في إحدى الليالي في محطة الإطفاء. أعطت فرصة للمرشحين المستضعفين الذين يتمتعون بجرأة الأمل. لقد أسيء فهم المؤتمرات الحزبية: لم يكن الغرض منها قط اختيار فائز. لكن دورها يتمثل في غربلة الساحة، من 10 أو 20 مرشحاً في بعض الأحيان إلى خمس أو ست حملات تدخل نيو هامبشاير. في عام 2020، تم اختيار الفائز الديمقراطي من قبل نساء سود تواجدن بأعداد كبيرة من أجل جو بايدن في ساوث كارولينا.
وهناك انتقاد آخر وهو أن ولاية ايوا صوتت بشكل كبير لدونالد ترامب مرتين. لماذا؟ لأن الغرب الأوسط قد تم تدميره، حيث انتقل التصنيع من مدن نهر المسيسيبي القديمة. فماذا فعل الديمقراطيون حيال ذلك عندما سنحت لهم الفرصة؟ لقد غادرت الشركات إلى المكسيك. قد لا يفاجئك أن تسمع: لا بأس من «الجمهوريين».
كانت ولاية ايوا، مثل أوهايو، أرجوانية اللون (مليئة بالديمقراطيين). الآن كلاهما باللون الأحمر الياقوتي (رمز الجمهوريين). ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الديمقراطيين كانوا يضغطون على المناطق الريفية بأميركا على مدار الثلاثين عاماً الماضية. 

وترى اللجنة الوطنية الديمقراطية مستقبلَها في المدن، وهذا ما يفسر سبب دفع الناخبين في كلتا الولايتين لهم بالمثل. فمشاريع قوانين الزراعة التي يصوغها الديمقراطيون والجمهوريون تترك عدداً أقل من المزارعين في الأراضي المنهوبة. إن المناطق الريفية في ولاية ايوا تذبل. وبايدن لا يختلف كثيراً عن ترامب في نظر منتج اللحوم الهندوراسي. كما أن الديمقراطيين لا يستطيعون حتى الحصول على وضع قانوني دائم للحالمين.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»