أبريل هو شهر تراث الأميركيين العرب. قد لا يكون لهذا أهمية كبيرة بالنسبة للبعض، لكن بالنسبة لأبناء جيلي، يمثل هذا الاعتراف نصف قرن من النضال للتغلب على التعصب الصريح والإقصاء السياسي والجهل بهويتنا وتاريخنا وإسهاماتنا في الحياة الأميركية.

على عكس جماعات عرقية جديدة كثيرة أخرى تكافح من أجل الحصول على القبول في الحياة الأميركية، تعين على الأميركيين العرب، ليس فقط بناء أنفسنا ومؤسسات مجتمعنا، لكن تعين علينا مواجهة تحديات فريدة وحواجز أقيمت في طريقنا. في وسائل الإعلام والثقافة الشعبية، تم تصوير العرب بصورة نمطية سلبية، في تصور كاريكاتوري فج.

وبعد أن انتظمنا كحركة سياسية قومية، تداعت علينا قوى شديدة البأس واعتزمت استبعادنا من تيار السياسة العام.

وفي تعليمنا، تم تجاهل مساهمات العرب في الحضارة الإنسانية كما تم تجاهل الأدوار التي لعبها الأميركيون العرب في السياسة والثقافة والاقتصاد الأميركي. واتبع مسار نمو مجتمعنا خلال نصف القرن الماضي صعوداً متواصلاً. فقد اُنتخب مئات من الأميركيين العرب في مناصب حكومية مهمة وعملوا في الوزارات ورشحوا لمناصب رفيعة المستوى. وأصبح الإقصاء من السياسة من مخلفات الماضي، فالأميركيون العرب يلعبون اليوم أدواراً رئيسية في السياسة الأميركية على المستويين القومي والدولي.

ليس هذا فحسب، بل أصبحنا نقدم، باعتزاز، هويتنا وثقافتنا وننقيها من الصور النمطية السلبية التي فُرضت عليها لتشويهها. ويتم تدريس تاريخنا ولغتنا. وأبطالنا أصبحوا معروفين الآن. ونكافح حتى نستعيد أحقيتنا في أطباق الطعام العربي ونسقط مزاعم الذين سعوا إلى نسبتها ثقافياً إلى إسرائيل أو الذين يريدون تمييع وطمس هويتها بوصفها أطباقاً شرق أوسطية أو متوسطية.

وخاف الذين حشدوا قواهم لاستبعادنا من أن نتحدى سيطرتهم الحصرية على الجدل حول إسرائيل وفلسطين، إذا زادت أصواتنا قوة. بل ذهبوا إلى حد رفض النظر إلينا كجماعة عرقية ووضعونا في إطار جماعة ضغط «لوبي» ليس له إلا «قضية واحدة» وهي مناهضة إسرائيل. وتغلبنا على تعصبهم ضيق الأفق ورسخنا أقدامنا كجماعة انتخابية محورية في الائتلافات السياسية حول قضايا امتدت من سياسة الشرق الأوسط إلى الحريات المدنية وجرائم الكراهية وإصلاح الهجرة وحقوق التصويت. وحين سعينا لأول مرة إلى الاعتراف الرسمي بشهر للتراث العربي الأميركي على المستوى القومي، فشل مسعانا لأن بعض القادة السياسيين كانوا يخشون التداعيات السياسية للاعتراف بنا. ولم يعد هذا هو الحال.

فقد أصدر الرئيس بايدن هذا العام بياناً من البيت الأبيض جاء فيه: «تاريخ وقصة الجالية العربية الأميركية في عمق نسيج أميركا المتنوع. في هذا الشهر الوطني للتراث العربي الأميركي، أشكر الجالية على كل ما فعلته للمساعدة في دفعنا إلى الأمام وتمثيل أفضل ما فينا». وأصدرت الجمعية القومية للتعليم ورئيس الحزب «الديمقراطي» بيانات مماثلة، وفعل ذلك أيضا حُكام ولايات ومجالس تشريعية في 28 ولاية، والمزيد منها يأتي في المستقبل.

وبالإضافة إلى هذا، يعتزم البيت الأبيض تقديم عدد من الإفادات لزعماء الجماعة العربية حول عدد من القضايا السياسية. وكما أشرت في البداية، قد يصف البعض هذه الأمور مستخفا بأنها «لمحات جوفاء». لكن أهمية هذه التصريحات تتجلى في سياق كفاحنا لكسب الاحترام والتقدير. فمن المؤكد أن علينا بذل المزيد لتغيير السياسة الأميركية، وتأمين الحقوق الديمقراطية الكاملة لجماعتنا، والحرص على أن تعرف الأجيال القادمة حقيقة تاريخنا وثقافتنا.

لكن الحقيقة المهمة التي يجب تذكرها هي أننا الآن في وضع أفضل من أي وقت مضى للاضطلاع بهذه المهام الحيوية. وعلق ناقد، حينما سمع دفاعي عن هذه الحجة، ساخراً، بأنني لا أرى إلا «النصف المملوء من الكوب». وأجبت أن الأمر لا يتعلق بكوب نصف ممتلئ أو نصف فارغ، لأنني أتذكر الوقت الذي لم يكن لدينا فيه كوب أصلاً. أما الآن، فقد أصبح لدينا كوب ونعمل جادين على ملئه. وانتقلنا من التجاهل وسوء السمعة والاستبعاد إلى الاعتراف بنا وتكريمنا ككتلة انتخابية أميركية محترمة. وهذا يسمى تقدماً.

رئيس المعهد العربي الأميركي- واشنطن