تتوالى التطورات السياسية في اليمن سعياً لتسوية النزاع المستمر هناك، إذ دخلت الهدنة المبرمة برعاية الأمم المتحدة بين الحكومة اليمنية ومليشيا الحوثي حيزَ التنفيذ يوم الثاني من إبريل الجاري الموافق الأول من شهر رمضان المبارك، ولمدة شهرين قابلة للتمديد شرط موافقة الطرفين.

وجاء إعلان الهدنة بعد جهود قام بها المبعوث الأممي إلى اليمن هانز غروندبرغ منذ أشهر. وقال غروندبرغ إن «نجاح هذه المبادرة يعتمد على التزام الأطراف المتحاربة بتنفيذ اتفاق الهدنة بما يتضمن الإجراءات الإنسانية المصاحبة». وكان الحوثيون قد قدموا عرضاً مفاجئاً بهدنة مؤقتة وتبادل للأسرى، وإثر ذلك أعلنت قوات التحالف أنها ستوقف العمليات العسكرية خلال شهر رمضان.

وتتضمن بنود اتفاق الهدنة تيسير دخول 18 سفينةً تحمل الوقود إلى موانئ الحديدة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، والسماح برحلتين جويتين من وإلى مطار صنعاء كل أسبوع. ولقيت الهدنةُ ترحيباً إقليمياً ودولياً، لكن فرص نجاحها ستبقى مرهونةً بعوامل داخلية وخارجية، لتداخل الأجندات الإقليمية والدولية على الساحة اليمنية. فهل تضع الهدنة الحالية نهايةً لمأساة الحرب الدائرة في اليمن؟

وما هي فرص صمودها؟ لقد تبع إبرام الهدنة إعلان الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، في السابع من أبريل، عن تشكيل مجلس رئاسي في ختام مشاورات للقوى اليمنية في الرياض، برعاية مجلس التعاون الخليجي، في غياب الحوثيين الذين رفضوا المشاركة في الحوار. وسلّم هادي صلاحياته للمجلس مؤكداً في بيان أصدره بالمناسبة أن المجلسَ الجديدَ مكلّف بـ«التفاوض مع الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في كافة أنحاء الجمهورية والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي».

ويضم المجلس الرئاسي شخصيات ذات توجهات مختلفة لاستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، إذ يترأسه رشاد العليمي وهو وزير داخلية سابق ومستشار للرئيس اليمني. ويضم المجلس ثمانية أعضاء أربعة من شمال اليمن وأربعة من جنوبه بينهم عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الأكثر نفوذاً في الجنوب. كما يضم طارق صالح نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، وسلطان العرادة محافظ مأرب وعبد الرحمن أبو زرعة، وعبد الله العليمي باوزير، وعثمان حسين مجلي، وفرج سالمين البحسني.

واللافت للنظر أنهم جميعاً ذوو خلفيات عسكرية وأمنية، وقد خاض معظمهم قتالاً مباشراً مع الحوثيين. ويأتي هذا التحول في جبهة الحكومة اليمنية كأكثر التحولات تأثيراً منذ بداية الحرب. ويشير البعض إلى أن أزمة الطاقة العالمية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا قد تنعكس على مسار التهدئة اليمنية، إذ إن الحرب الأوكرانية والعقوبات الغربية جراءها ضد روسيا، عززتا من قيمة إمدادات البترول في المنطقة بالنسبة لأسواق الطاقة العالمية، فظهرت الحاجة الماسة لزيادة إنتاج النفط بغية تغطية النقص الحاصل في الأسواق والسيطرة على ارتفاعات الأسعار، وهو ما لا يمكن أن يتحقق في ظل الاعتداءات الحوثية المتكررة بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد المواقع والمنشآت النفطية. ومن هذه الزاوية فقد ساهمت حرب أوكرانيا في التمهيد لإنهاء الحرب في اليمن.

وتشكل الهدنة اليمنية الحالية، على الرغم من نطاقها الزمني المحدود والخطوات البسيطة التي بدأت بها، أرضيةً لتوسيع نقاط الاتفاق والتأسيس للتسوية السياسية في ضوء التوافقات الإقليمية والدولية الداعمة لإيجاد حل دائم في اليمن.

*كاتبة إماراتية