توجت المشاورات اليمنية-اليمنية في الرياض، وبمباركة خليجية بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي، المؤلف من رئيس و7 نواب من مكونات الشمال والجنوب الفاعلة، لتنطلق مرحلة انتقالية جديدة في اليمن، تنتقل من حالة الحرب إلى حالة السلام. وعلى الرغم من أن ذلك مرهون بمشاركة الحوثيين على خريطة السلام، إلا أن تشكيل المجلس خطوة مهمة تنهي الاختراق «الإخواني» لدفة الشرعية، وتنهي التخادم «الحوثي»- «الإخواني»، الذي بدد جهود التحالف لسنوات، كما يعد تشكيل المجلس تتويجاً لجهود المكونات الشمالية والجنوبية الفعالة التي حققت نتائج واضحة على الأرض.

من أبرز إنجازات تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، هو تضييق الخناق على أجندات النظام الإيراني، ووكلائه «الحوثيين»، الذين رفضوا كافة مبادرات إيقاف إطلاق النار والتسوية السلمية، بهدف إطالة أمد الحرب واستنزاف التحالف.

والإنجاز الآخر هو إيقاف الاقتتال الداخلي بخروج «الإخوان» من المشهد اليمني السياسي، كما ينقل اليمن من خانة الصراع إلى خانة التوافق، بعد مرور عشر سنوات على رئاسة هادي الذي سلم صلاحياته كلها إلى المجلس الجديد، الذي يضم أعضاء حققوا نتائج مهمة طوال الفترة الماضية سببت الخسائر الكبيرة للحوثيين، كألوية العمالقة الجنوبية، والمجلس الانتقالي، والنخبة الحضرمية، والمقاومة الوطنية.

جاء تشكيل المجلس الرئاسي الجديد في توقيت دقيق، وسط التحديات الإقليمية والدولية وتسارع الأحداث العالمية مع الأزمة الأوكرانية، بالإضافة إلى أنباء الاقتراب من اتفاق نووي إيراني جديد، فاتفاق اليمنيين لا يصب في مصلحة «الحوثيين» الذي رفضوا جميع التسويات السلمية التي عرضت عليهم، ومنها اعتبارهم مكوناً يمنياً، ومبادرة رفع الحظر عن الموانئ والمطارات، بما فيها المبادرة الخليجية الأخيرة التي رفضوا تلبية دعوتها، وفي جميع هذه المبادرات بادل «الحوثيون» يد السلام الممدودة بالتصعيد عبر استهداف المنشآت المدنية والنفطية في الإمارات والسعودية، في دلالة على أن النظام الإيراني بصفته وكيل «الحوثيين»، يرفض الخيارات السلمية كافة.

يمر «الحوثيون» بأسوأ مرحلة لهم منذ السيطرة على صنعاء منذ سبع سنوات، فلا يزالون معزولين عن العالم عبر الحظر على السفن والطائرات، ولا يستطيعون المشاركة سياسياً، لأن قرارهم السياسي بيد وكلائهم «النظام الإيراني» الذي يستخدمهم وسيلة للمفاوضات الإقليمية والدولية، واليوم يأتي هذا التطور الإيجابي المهم من الرياض بمثابة صفعة للحوثي، واستكمال لمسيرة استقرار اليمن، وخطوة شجاعة من اليمنيين باتجاه السلام. أهم أولويات المجلس الجديد تكمن في إعادة ترتيب الجيش اليمني بعيداً عن الصراعات السياسية والخلافات الضيقة، والخروج من السيطرة الحزبية، مع أهمية الإصلاح الاقتصادي وتحسين المعيشة في المناطق المحررة، والقضاء على الفساد.

وفي هذا المجال، قدمت السعودية والإمارات 3 مليارات دولار، دعماً للاقتصاد اليمني، وهو ليس بغريب على الرياض وأبوظبي لما قدمتاه من دعم مالي وعسكري وبشري واقتصادي طوال السنوات الماضية، ولا يزال العطاء السعودي- الإماراتي مستمراً، فالسلام والاستقرار هو خيار استراتيجي، وعودة اليمن السعيد سعيداً كما كان، هدفٌ سيتحقق بدعم التحالف، وبسواعد أبناء اليمن، شمالاً وجنوباً.

* إعلامية وكاتبة بحرينية.